أكدت دراسة حديثة قام بها الفقيه المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة حول المشاركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية.. والمدخل لتحقيق التنمية والاستقرار الآمن للوطن. ان صوت الفرد في الانتخابات يشكل ضمير الوطن والإرادة العامة للأمة. ركز المستشار خفاجي. في الجزء الرابع من هذا البحث علي عدة نقاط هامة تتعلق بالقوي العاملة والنخبة والفن وعلاقاتهم بالمشاركة الشعبية. فيتحدث عن مشاركة القوي العاملة والنخبة مطهرة من المال السياسي تشكل الضمير العام للوطن. والفن روح الأمة والنجوم يلعبون دوراً وطنياً لا سياسياً في المشاركة الانتخابية وعن دور وسائل الاتصال السمعي والبصري في التبصير الانتخابي يقوم علي نظرية المسئولية الاجتماعية دون نظريتي السلطة والحرية. ونعرض في الجزء الرابع من هذا البحث المتفرد للمفكر القانوني الكبير علي النحو التالي: أولا: مشاركة القوي العاملة والنخبة مطهرة من المال السياسي تشكل الضمير العام للوطن: يقول الدكتور محمد خفاجي إنه مر النظام الانتخابي بمراحل تطور كبيرة في تاريخ الأنظمة الديمقراطية الحديثة وعلي الرغم من ان الفرد يستخدم حقه في التصويت لتحقيق خيره ومنفعته إلا أن الخير المشترك والمنافع المشتركة تعلو دائماً علي الحقوق الفردية. ولذا يتجه الفلاسفة إلي أن الدولة هي الضمان للسعادة البشرية كتنظيم سياسي تتفرع منه حقوق الأفراد. وكما قال روسو "لا توجد غير قوة الدولة لإعطاء الحرية لأعضائها". يضيف الدكتور محمد خفاجي انه إذا ابرزنا دور الشباب والمرأة في مجال المشاركة في الانتخابات فلا يمكن اغفال دور كل من العمال والموظفين والمثقفين والنخبة المطهرة من المال السياسي. صحيح أن الجميع ينطوي تحت عباءة المواطنة. لكن تلك القوي تتمتع بدور فاعل في المشاركة السياسية. وصحيح أن بعض العلماء مثل كارل دوتش جعل عملية الإدلاء بالصوت الانتخابي ضمن المستوي الثاني للمشاركة السياسية وليس ضمن المستوي الأول إلا أنه لا يمكن اغفال أن الانتخابات تعد أهم مظاهر المشاركة السياسية في النظم الديمقراطية. ويوضح الدكتور محمد خفاجي أنه لعل تصنيفنا للقوي الفاعلة في الانتخابات يرجع أساساً إلي أن احدث الدراسات في علم السياسة ونظم الحكم تربط حق المشاركة السياسية بالخلفية الاجتماعية لمن يقومون بالمشاركة. فهناك صور مؤثرة للمشاركة من جانب طبقات وفئات اجتماعية متباينة تعبر عن اتجاهات مختلفة. منها العمال. والموظفين. بل والمثقفون حيث يتفاوت تأثير صور المشاركة السياسية من طبقة إلي أخري أو فئة اجتماعية إلي طبقة أو فئة أخري ومشاركة هؤلاء الثلاثي العمال والموظفين والمثقفين من خلال صناديق الاقتراع يشكلون الضمير العام في الوطن. ثانيا: الفن روح الأمة ومنبع الضمير ومنبر التعبير والنجوم يلعبون دوراً وطنياً لا سياسياً في المشاركة الانتخابية باعتبارها الداعم للعطاء الفني المتجدد. يقول الدكتور محمد خفاجي إن مصر صاحبة رسالة ثقافية وفنية منذ بداية وعي التاريخ وهي أو أي دولة اكدت هويتها الثقافية شاخصة عليها الآثار الدالة علي تلك الحضارة منذ فجر التاريخ وقبل التاريخ حينما استأنست النيل وحولته إلي دولة ترتبط بتنظيم اجتماعي واقتصادي وسياسي. ان حقيقة الامر لا يمكننا اغفال دور الفن المؤثر في المشاركة الانتخابية ذلك لأننا نري أن الفن روح الأمة وبدونه تكون الأمة جسدا بلا روح والفن لغة الوجدان ومنبع الضمير ومنبر التعبير ومن الفنون توحدت الثقافات. وأري أن النجوم يلعبون دوراً وطنياً وليس سياسياً في المشاركة الانتخابية ببيان عمق افكارهم في ضرورة مشاركة جمهورهم في تلك المشاركة لأن الفن هو وقود الأمة. ثالثاً: نجوم الفن قادرون علي تحويل اللحظة التي يعيشها جمهورهم إلي حدث تاريخي والفنان إذا كان ثائراً من اجل السياسة فإن الفن فيه قد مات. ومن كان ثائراً للحرية فإن الفن فيه لا يموت. ويطرح الدكتور محمد خفاجي تساؤلات علي درجة كبيرة من الأهمية بقوله والسؤال كيف يكون الفنان وطنياً لا سياسيا في الشأن العام؟ ويجيب الدكتور محمد خفاجي إن نجوم الفن يستطيعون التعبير عن صدق صورة المشاركة الانتخابية وقدرتهم علي تحويل اللحظة التي يعيشها جمهورهم إلي حدث تاريخي والفنان باعتباره عاملا من عوامل التأثير علي الجماهير التي تعتبره قدوتها فهو وإن كان يناضل بصدق من اجل قضية وطنية سيكون مشاركته الانتخابية بالضرورة مؤثراً لجمهوره نحو مصلحة بلاده ليبقي فنه في رحاب الحرية دون قيود تنال من ابداعه. رابعا: المشاركة الانتخابية للفنانين تتوقف علي نظرة الدولة للفن من حيث الاستقلال والحرية دون قيود في اطار النظام العام. يقول الدكتور محمد خفاجي ولا ريب أن علاقة الفن بالشأن العام وما يتفرع عنه من المشاركة الانتخابية تتوقف إلي حد بعيد علي نظرة الدولة للفن والمبدعين. فالعلاقة بينهما طردية وليست عكسية فكلما تمتع الفن بالاستقلال والحرية دون قيود في إطار النظام العام والآداب العامة وارتقي بالذوق العام كلما كانت مشاركته واجبة للتعبير عن القيم الحضارية والجمالية التي يرعاها الصوت الانتخابي. ذلك أن الإبداع أياً كان سواء كان في صورة أدبية أو فنية أو ثقافية ليس إلا موقفاً حراً واعياً يتناول ألواناً من الفنون والعلوم تتعدي أشكالها. يضيف الدكتور محمد خفاجي أنه سواء تعلق الأمر بالتمثيل أو السينما أو المسرح أو الموسيقي والغناء فالواجب كفالة مواهبهم وملكاتهم الذهنية التي تدفق عطاء عن طريق قنواتها. وتتمخض في عديد من صورها عن قيم وآراء ومعان يؤمن المبدعون بها ويدعون إليها. ليكون مجتمعهم أكثر وعياً. خامسا: عدم وضع قيود علي الفن يجعله خلقاً إيجابياً ولا يجوز التسلط علي الفن لأن قهر الفن عدوان مباشر عليه وتقدير قيمة العمل الفني تصل الفنانين بالمشاركة. يقول الدكتور محمد خفاجي إنه لا يغيبن عن البال. أنه كلما ارتقت الدولة بالفن وحالت دون وضع قيود عليه كان الفن خلقاً إيجابياً. حاملاً لرسالة محددة. أو ناقلاً لمفهوم معين. مجاوزاً حدود الدائرة التي يعمل الفنان فيها. كافلاً الاتصال بالآخرين تأثيراً فيهم. واحداثاً لتغيير قد لا يكون الإبداع. التي تمثل جوهر النفس البشرية وأعمق معطياتها وصقل عناصر الخلق فيها. وإذكاؤها كافل لحيويتها. فلا تكون هامدة بل يقظة إن التقدم في عديد من مظاهره يرتبط بها. مما يتوجب تشجيعه وعدم تنحيته أو فرض قيود عليه. سادساً: دور وسائل الاتصال السمعي والبصري في التبصير الانتخابي يقوم علي نظرية المسئولية الاجتماعية دون نظريتي السلطة والحرية. يقول الدكتور محمد خفاجي إن حرية الاتصال السمعي والبصري لا يستقيم معها نظرية السلطة وهي الصحافة والإعلام الداعم للسلطة وأقوال وأفعال رجالها. كما لا يستقيم معها كذلك نظرية الحرية القائمة علي اطلاق حق الفرد في المعرفة بحسبانه حقاً طبيعياً لا يخضع لرقابة أو قيد من أي نوع. وإنما يسودها نظرية المسئولية الاجتماعية وهي النظرية التي قامت لتواجه نظرية الحرية المطلقة بما قدمته من مواد الجريمة الجنس والعنف ومن ثم ارتكزت نظرية المسئولية الاجتماعية علي أن للإعلام المقروء والمرئي والمسموع والرقمي وظيفة اجتماعية. وانه يتعين التوازن بين حرية الرأي والتعبير وبين مصلحة المجتمع واهدافه وحماية القيم والتقاليد والحق في الخصوصية. سابعاً: للإعلام دورا خطيرا في بيان الحقائق التي تحاك ضد الوطن أمام الشعب واشاعة الثقافة السياسية اللازمة لتأسيس وعي ديمقراطي يراعي الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد. يقول الدكتور محمد خفاجي إن للإعلام دور خطير في التعبير عن الرأي العام وتوجيهه وفي وضع الحقائق التي تحاك ضد الوطن أمام الشعب وتبصيره فكما أنها أداة فعالة لمراقبة تصرفات الحكام والمسئولين فإنه ينبغي عليها ان تترجم رغبات وآمال المحكومين. وأن أهمية دور الإعلام يتعاظم مع دخول المجتمع المصري مرحلة الديمقراطية بعد ثورتين للشعب في زمن وجيز. لذا بات مطلوباً من الإعلام نشر المعرفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكي يستطيع المواطن ان يحدد موقفه مما حوله باعتبار أن الديمقراطية معرفة قبل كل شيء. ثامناً: الميكروفون لا يقل أهمية من منصة القاضي لأنه قاضي الكلمة النزيهة المتجردة. يقول الدكتور محمد خفاجي ونري أن الإعلام ضمير الأمة ومرآة المجتمع. وضمير الأمة بطبيعته يعتبر الإعلام جزءاً هاماً في تشكيل الرأي العام. لذا وجب أن يتحلي الإعلام لسان رأي الأمة بنزاهة المقصد. فالميكروفون لا يقل أهمية من منصة القاضي لأنه قاضي الكلمة النزيهة المتجردة. يضيف الدكتور خفاجي أما الدور الأهم في ظل الظروف التي تحاك بالوطن بعد ثورتين للشعب في زمن وجيز. تم انهاك الاقتصاد الوطني خلالهما فضلاً عن مجابهة مصر للإرهاب الذي يحاكم بمصر والأمة العربية فيقع علي عاتق أجهزة الدولة والجهات المختصة بالشأن الإعلامي وهو دور لا يحتمل التأخير أو التأجيل بفتح أبواب المنابر الإعلامية للدعوة للمشاركة الانتخابية وبيان أثرها الإيجابي علي استقرار الوطن.