الزعيم أحمد عرابي رجل من رجال الجيش المصري الذي اتخذ طريقه في الجندية منذ أن التحق بها عاقداً العزم علي أن يكون مثالاً للمصرية الخالصة التي تأبي أن تكون تابعاً لأجنبي ومأموراً من رتبة تقل عن رتبته لمجرد أن الآمر ليس مصرياً. مما دعاه للوقوف أمام الخديوي توفيق في ميدان عابدين يواجهة كلمة بكلمة. ورأساً برأس. يعترض علي ما ظنه توفيق حقاً له شارحاً أنه كمصري حر يأبي أن يكون عقاراً يورث أو مطيعاً لأمر يمس كرامته كمواطن وجندي مصري. كان وراءه زملاؤه المصريون يشدون من أزره يحمون ظهره ويؤيدونه في مطلبه. ومن ورائهم الشعب الذي رأي الزعيم أحمد عرابي المنقذ من تغول الشراكسة علي حساب المصريين. لم يجد توفيق مفراً للتغلب علي المصريين بقيادة أحمد عرابي إلا أن يستدعي الانجليز لحمايته. يتصدي لهم أحمد عرابي والجنود المصريون فيعيق مقدمهم في الشمال الغربي للبلاد حيث لم يجدوا مناصاً إلا أن يتخذوا طريق قناة السويس في الشرق ممراً لهم داخل البر المصري. يعلم أحمد عرابي ذلك فتضييء في ذهنه فكرة ردم القناة حتي لا يمكنهم من استخدامها في العبور إلي الداخل. تنزعج الشركة التي تدير القناة ويقنعه رئيسها بعدم تمكين الانجليز من استخدامها وكان الوعد سراباً. دخل العدو وتصدي لهم البطل أحمد عرابي وقادهم وكاد أن ينتصر عليهم لولا خيانة ضابط غير مصري يدعي يوسف خنفس مما مكن الانجليز بتلك الخيانة من هزيمة المصريين ودخول البلاد واستعمارها. الخيانة علي مدي عصور سابقة كانت سبباً في احتلال مصر أكثر من مرة. خيانة رجال للقائد المملوكي قنصوه الغوري في لقائه مع العثمانين بقيادة السلطان سليم الأول سنة 1516 ليموت بشجاعة الفرسان قنصوة الغوري في موقعه مرج دابق. وخيانة المماليك للشاب القائد طومان باي الذي كاد ينتصر هو الآخر في موقعه الريدانية ليدخل العثمانيون مصر ويبدأ عصر جديد من التبعية. يحاكم أحمد عرابي وينفي من البلاد ليعود بعد عشرين عاماً وللأسف المحزن يستقبله الشعب استقبالاً سيئاً. ويطوف بعض الدهماء حول منزله يهتفون بسقوطه لاعتقادهم أنه كان سبباً في احتلال الانجليز للبلاد ويموت محسوراً بعد أن فقد بصره. ثم يموت مره اخري معنوياً علي يد مدع يقلل من شأنه ويهون من كفاحه. مشوها تاريخه كما شوه سابقاً تاريخ صلاح الدين الأيوبي. وكما انكر موقع القدس الشريف في وقت تبحث فيه الأمم عن امجاد حقيقية لها. يمهد لضياع القدس التشكيك في موقع الاسراء. يتساءل المثقفون وأصحاب الرأي.. لمصلحة من ينشر هذا التحدث بكل هذه الأكاذيب. أحمد عرابي الجندي الثائر في وجه الطفاه. رمز الجندية المصرية في العصر الحديث تعرض للظلم والخيانة والافتراء في حياته وبعد مماته.