لم نفطن ونتذكر ونعي أن الولاياتالمتحدة في عهد الرئيس هاري ترومان هي التي كانت أول دولة في العالم اعترفت بالكيان الصهيوني فور إعلانه دولته في مايو عام 1948 بعد اغتصابه أرض فلسطين التي أسسها وسكنها العرب بآلاف السنين وهي مولد السيد المسيح في بيت لحم. ومسري النبي عليه الصلاة والسلام إلي مسجده الأقصي بالقدس أولي القبلتين وثالث الحرمين ومنه كان معراج الرسول إلي السموات العلا. لم نتذكر كي نعي - أن الولاياتالمتحدة لها سياستها الاستراتيجية تضع أسسها لما بين الخمسين عاماً حتي المائة عام. ولكن لكل خطوة في تلك الاستراتيجية زمانها ومكانها ولذلك كان الكونجرس الامريكي قد صدق علي قانون في عام 1995 ينص علي "الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل ونقل سفارة الولاياتالمتحدة من تل أبيب إلي القدس". وكان كل رئيس أمريكي يتحين الفرصة لتحقيق وتنفيذ قرار الكونجرس حتي أينعت ثمار تلك الفرصة فحان قطافها بعد إضعاف العرب واعتداء الولاياتالمتحدة علي العراق عام 2003 فقامت بتدميره واحتلاله وتفكيك وتفتيت الجيش العراقي ولم نلتفت إلي ما كان قد صرح به الصهيوني هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق قبل إقدام بلاده علي غزو العراق قائلا: "سوف نعيد العراق إلي العصر الحجري". وبعد تدمير العراق أجهزت الولاياتالمتحدة وأذنابها في تدمير ليبيا وسوريا - التي شاء الله سبحانه وتعالي - ألا تنتهي وسوف تعود قوية بجيشها الأول مع الجيش الثاني والثالث في مصر القوية التي يخافها ويخشاها العدو الصهيوني لأنها العدو الرئيسي في عقيدة العدو بالرغم من معاهدة السلام وأوهامها. هنا ليتنا نتذكر ما قاله ديفيد بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل وأحد مؤسسيها: "إن وحدة مصر وسوريا والعراق هي أخطر علي إسرائيل من القنبلة النووية". وملا تحقق المنهج الأمريكي في تطبيق استراتيجيتها بإضعاف العرب وأمسوا في أسوأ حالاتهم لم يكن من المدهش أو الأمر المستغرب أن يعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في السادس من هذا الشهر الحالي بتنفيذ قرار الكونجرس في نقل السفارة الأمريكية إلي القدس عاصمة إسرائيل ولذا أعلن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل فرحته وتقديره لترامب قائلا: "سوف تمتن إسرائيل لك للأبد". أما نحن العرب والمسلمين فتأتي صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية لتسخر من عقولنا لتقول: "إن امبراطور القمار الأمريكي الصهيوني الأمريكي - شيلدون أديلسون - هو الذي أقنع ترامب باتخاذ قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها". نعم الحق لتلك الصحيفة في سخريتها من قدراتنا العقلية ووعينا لأننا لا نفهم السياسة الاستراتيجية الأمريكية ولا نربط بين حلقات تاريخ كل مرحلة من مراحلها في الفهم والوعي. لها الحق. لأننا نغفل ونصم آذاننا عن ارتباط السياسة الأمريكية بالدين فكلاهما يخدم الآخر فهل ننسي دور "الصهيونية المسيحية" في مساندة إسرائيل حتي تغيب عقولنا.. وتستريح نفوسنا إلي أن "شيلدون أديلسون" هو الذي أقنع "ترامب" بقراره؟! هل نفيق لنفهم أن قرار ترامب هو تنفيذ قرار الكونجرس منذ 1995 كما ذكرنا وهو قرار خارج من مراكز التفكير الأمريكية صاحبة الدور المؤثر في صناعة القرار الأمريكي. أرجو من القارئ الكريم وأقترح عليه كي يفهم دورها أن يقرأ كتاب "Thiml Tanks" داخل البيت الأبيض الصادر عن سلسلة "كتاب الجمهورية" في نوفمبر 2016 للأستاذ عاطف الغمري. هل نفيق لنعرف أن قرار ترامب يظهر تلك العلاقة بين السياسة الأمريكية والدين. وإفادة ترامب نفسه من قراره يقشع الغبار عن عقولنا "ديفيد برودي" كبير مراسلي الشبكة الإعلامية الأمريكية الذي علق علي قرار ترامب فقال: "لقد وفي ترامب وبوعوده للانجيليين "هم الذين يعتقدون بوجود اليهود في اسرائيل مجتمعين في القدس حتي يعود السيد المسيح مرة ثانية" وبوفائه بوعده لهم بخصوص القدس يصبح ترامب الأكثر قربا من الانجيلييين علي الاطلاق في التاريخ". وللحديث بقية نستكمله إن شاء الله.