ثلاث عواصم عربية كانت محور الأحداث في الأسبوع الماضي.. أولها القاهرة. التي اجتذبت أنظار العالم. إلي "منتدي شباب العالم" الذي نظمته في شرم الشيخ. واجتمعت له ومعه عوامل نجاح باهر مازال صداه يتردد حتي الآن.. وأما العاصمة الثانية فكانت الرياض.. العاصمة السعودية بكل ما صدر فيها وعنها من قرارات فاجأت العالم باعتقال أمراء ووزراء حاليين وسابقين ورجال أعمال بتهم الفساد الذي قدرته مصادر سعودية بمائة مليار دولار.. وأما العاصمة الثالثة فهي بيروت.. وأحداثها مرتبطة بما صدر من الرياض.. حيث لأول مرة يبعث رئيس وزراء باستقالته إلي رئيس بلده.. وهو خارجه بعد أن أذاع رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" استقالته من هذه العاصمة لتحدث في بيروت زلزالاً في الوضع اللبناني الهش.. يكشف فيه ما يفعله حزب اللَّه في لبنان. وبلبنان. وانغماسه في التآمر ضد مصلحة لبنان والعرب بشكل عام.. وكان الأمر صدمة جعلت البعض يتساءل عما حدث. وكيف. ولماذا حدث. ولماذا هذا التوقيت؟!.. وصاحب هذا كله ارتفاع نبرة التصريحات إلي التلويح بالحرب من هذا الطرف أو ذاك. ولقد تناولت جانباً من هذا في الأسبوع الماضي تحت عنوان: "لبنان.. إلي أين".. وأود أن أتابع هذا الأسبوع التعليق علي ما جري.. ولكنني لا أريد أن أدع فرصة الإشادة بمنتدي شباب العالم. تتأخر أكثر من هذا.. ولذلك أبدأ بها.. وأضيف إلي كلمات الإشادة التي امتلأت بها سطور الكثير من مقالات الرأي. وكلمات الكثير من المتحدثين في مختلف القنوات والإذاعات سطوراً قليلة عن جانب أري أن البعض لم يتناوله بما فيه الكفاية أو ربما لم تتم الإشارة إليه علي الإطلاق.. وأعني به انتقاء الضيوف والمتحدثين من أنحاء العالم من نحو مائة وثلاث عشرة دولة.. ودعوة وفود رسمية من نحو 54 دولة.. ثم ترتيب إجراءات سفر ووصول كل هؤلاء إلي القاهرة. ثم شرم الشيخ.. وترتيب إقامتهم.. فهذا عمل يشير إلي قدرة تنظيمية هائلة. وجهد جبار بكل المقاييس.. وعندما نتحدث عن النجاح الذي تحقق فلابد أن يكون علي رأس الأسباب هذه القدرة وهذا الجهد الجبار. هذا الجانب وحده يجب أن يلقي التقدير والتكريم لكل من تولاه وشارك فيه وأشرف عليه.. أما العنصر الثاني في الجانب الذي أغفله المتحدثون عن النجاح الباهر.. فهو الجانب الإبداعي في المنتدي.. وفيه يلعب الخيال دوراً هائلاً فيما يمكن أن نسميه سيناريو هذا المنتدي بداية من تصميم مكان انعقاد المؤتمر وإقامة القبة التي احتوت تحتها القاعة الكبري للمؤتمر. وتصور كل ما يمكن أن يدور في المنتدي مع التخطيط لحفلي الافتتاح والختام لتحقيق إبهار الانطباعين الأول والأخير. وفي إطار هذين الحفلين جري الإعداد للأفلام والأغاني واختيار العناصر الفنية المشاركة. وكذلك الشباب المشارك الذي بدا كأنه يتنقل حول العالم ليبرز أفكار المنتدي. ويجري حوارات تضمنها الفيلم الذي أبهر الجميع ويستحق الإشادة به فكرة وسيناريو وإخراجاً وتصويراً.. ولابد أن نقول إن جانباً مهماً من النجاح والإبهار الذي تحقق للمنتدي كان للجوانب الفنية من أفلام وموسيقي وغناء. ولابد أن نشارك من أشادوا بالنجاح. وأشادوا بمن كانوا وراءه. الذين واصلوا ليلهم بنهارهم في ترتيب كل صغيرة وكبيرة في هذا المنتدي.. ولعل الشكر هنا يوجه إلي شخصيتين كانتا وراء هذا الجهد. اللواء عباس كامل. مدير مكتب الرئيس عبدالفتاح السيسي واللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء وفي شخصيهما نشكر كل من عمل وشارك في هذا الجهد الجبار.. أما حضور الرئيس السيسي لجلسات المؤتمر وإثراؤه للحوار بالمشاركة والتعقيب. فذلك فوق كل تقدير. ونستكمل في نقاط قليلة تعليقنا علي زلزال لبنان.. أو استقالة الحريري التي قصد منها كما أعلن هو فيما بعد إحداث صدمة إيجابية.. وهي صدمة حدثت بالفعل.. وحرَّكت المياه الراكدة.. والتي سكتت عن سلوكيات حزب اللَّه تجنباً لانشقاق الصف اللبناني.. ولكن حزب اللَّه استغل نقطة الضعف هذه ليتصرف كما يحلو له انطلاقاً من ولائه الأول والأخير للولي الفقيه في إيران.. دون أي اعتبار لمصالح لبنان وارتباطاته بأمته العربية. الصدمة حدثت.. فتحرك المجتمع اللبناني.. ولكن حزب اللَّه ومعسكره. اختصروا الأمر في الادعاء باختطاف أو احتجاز سعد الحريري في السعودية.. ليهربوا من الاستحقاقات التي فرضتها عليهم هذه الاستقالة.. بعد الانحرافات التي كشفت عنها.. وحتي بعد أن أجرت المذيعة اللبنانية "بولا يعقوبيان" حواراً مع الحريري في بيته في الرياض. وتيقنت تماماً أن الحريري ليس محتجزاً. ولا ممنوعاً من السفر. وأنه أراد أن يحدث هذه الصدمة.. ثم يجري ترتيبات أمنية قبل أن يعود إلي بيروت للمحافظة علي أمنه المهدد ممن سبق لهم أن اغتالوا أباه الشهيد رفيق الحريري.. وربما كانوا يستعدون لعمل آخر يتهدد حياته بعد أن اكتشف تشويشاً علي موكبه في بيروت.. رغم كل هذا يضع حزب اللَّه رأسه في الرمال لينكر أنه يري شيئاً.. ولكن هذا الإنكار لن يجدي شيئاً الآن.. بعد أن خرج الجميع عن صمتهم.. وتحرك العالم مطالباً بتطبيق القرارات الدولية في شأن هذا الحزب.. والسؤال الآن: هل يستطيع حزب اللَّه أن يواصل ألاعيبه في اليمن.. أو تآمراته في سوريا وباقي أنحاء الجزيرة العربية؟!.. هل يستمر كمخلب قط يلعب لحساب الولي الفقيه.. دون أي اعتبار لمصلحة لبنان؟!.. أم ينصاع لما تم الاتفاق عليه.. في الاتفاق الذي قاد إلي اختيار العماد ميشال عون رئيساً للبنان.. وفي المقدمة من ذلك سياسة النأي بالنفس.. وهي سياسة لم يلتزم بها حزب اللَّه أبداً!!.. غير أن السؤال الأهم هو كيف ستكون مواجهة العماد ميشال عون للأزمة. وهو حليف حزب اللَّه.. والحزب هو الذي أتي به رئيساً بعد فراغ استمر أكثر من عامين.. حتي رضخت باقي الكُتل السياسية لإرادة حزب اللَّه باختياره رئيساً؟!! الأيام القادمة ستشهد كيف ستتصرف كل الأطراف في لبنان.. وقد تكون القرارات في هذا الشأن مؤجلة إلي أن يعود الحريري إلي بيروت.. ولكن علي أي الأحوال لن تعود الأمور في لبنان بعد استقالة الحريري.. إلي ما كانت عليه قبل الاستقالة.. فالضوء الكاشف الذي سلطته هذه الاستقالة علي الجميع.. قد ضبط البعض متلبسين.. ومنغمسين إلي أذقانهم في وحل خيانة مصالح لبنان.. ومصالح أمته العربية!!