العالم في دهشة مما يحدث في المملكة العربية السعودية.. والعالم لم يعد في مقدوره متابعة المتغيرات في السياسات السعودية والقرارات المتلاحقة والمتعاقبة. والرأي العالم يستغرب كل هذه التصريحات الصادرة عن مسئولين في السعودية ويتساءل: ما الذي جري.. وما الذي سيجري..؟ وما يحدث في المملكة يمكن تفسيره بوجود جيل جديد من الشباب هو من يقود المملكة الآن.. وأن الأمير الشاب محمد بن سلمان "32 عاماً" هو من يمسك بملفات السعودية المهمة ومعه فريق من مساعدييه ومستشارييه من الشباب. ويلعب الحماس دوراً كبيراً في القرارات والسياسات السعودية الأخيرة. فقد انتهي الحكم التقليدي الذي كان الافصاح عن قراراته وتوجهاته أمراً بالغ الصعوبة. والذي كان يتسم بالتأني والصبر قبل اصدار القرارات أو التحرك. فالآن يوجد في السعودية نظام حكم مختلف يحاول مواكبة عصر السوشيال ميديا والانفتاح علي العالم. ففي السعودية أجيال جديدة متعطشة للخروج من النمط التقليدي.. وهي أجيال ليبرالية تتحدث بلغة مختلفة ومفاهيم متطورة. والأمير محمد بن سلمان هو جزء من هذه المنظومة التي ولدت من رحم العولمة. وهو يحاول أن يفرض وجوده كرمز للتحول في المنطقة. والمحاولة تمضي حتي الآن تحت مظلة الملك سلمان وبموافقته. ولكن السرعة الزائدة في هذه الانطلاقة مخيفة ومقلقة. وتستدعي قدراً من التأني والدراسة من قبل أن تتسع الخطوة وتتسع معها الفجوة وتتعدد الجبهات والالتزامات والمعارك. ولا نعتبر ما نقوله تدخلاً في أمور السعودية. بل هو تعبير عن الحب لأن أمن المملكة هو أيضا جزء من أمن مصر. *** ويتساءل العالم أيضا.. أين ذهب سعد الحريري رئيس وزراء لبنان الذي أعلن استقالته أثناء وجوده في الرياض وتحدث عن مخاوفه من مؤامرة تدبر لاغتياله في لبنان؟! ويقولون في ذلك إنه لا يمكنه السفر خارج السعودية وإن السلطات هناك قد احتجزته. ودعا الرئيس اللبناني ميشيل عون إلي الإفراج عنه وعودته إلي البلاد.. وتحركت العديد من الفصائل والقوي السياسية اللبنانية تتحدث عن ضرورة عودته إلي لبنان وفك أسره. وسعد الحريري ليس متحجزاً أو معتقلاً في الرياض. وقد ظهر في نشرات الأخبار وهو يصافح الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين أول أمس. ولكن الحريري لا يمكنه العودة إلي لبنان قبل أن تتضح الصورة من موقف بلاده من التغلغل الإيراني في شئونها. والحريري يشعر أنه قد أصبح واقعاً تحت نفوذ "حزب الله" في حكومته وأنه لم يعد قادراً علي اتخاذ القرار. والحريري وهو أيضا مواطن سعودي فضل أن يبقي في السعودية واختار علي ما يبدو الحياة بدلاً من الموت..! الحريري أصبح مواطناً سعودياً عادياً.. وشقيقه الأكبر بهاء هو من يتم إعداده لكي يكون رئيساً لوزراء لبنان وعليه أيضا أن يختار ما بين الجنة أو النار. *** ونعود إلي قضايانا وواقعنا ولا توجد مأساة مؤلمة أشد من مأساة سبعة أطفال في المرحلة الابتدائية كانوا يستقلون "التوك توك" الذي سقط بهم في ترعة "المحمودية" بعد انتهاء اليوم الدراسي. والأطفال الذين ماتوا غرقاً دفعوا ثمناً للإهمال والفوضي وحالة اللامبالاة التي تسود مختلف محافظات مصر والتي تحدثنا عنها مراراً وتكراراً بدون فائدة تذكر. فالتوك توك الذي غزا مدننا وشوارعنا يتحرك بدون أي رقيب أو حساب ولم يعد ممكنا السيطرة عليه أو تنظيمه في ظل العجز الواضح في وسائل المواصلات العامة وعدم وجودها في الكثير من المناطق. وسائق التوك توك القاتل لم يتردد أن يحمل معه سبعة أطفال دفعة واحدة ليتحرك بهم ويقفز هارباً عندما فقد السيطرة علي التوك توك الذي هوي في الترعة..! لقد أصبح الموت سهلاً ورخيصاً.. ولم يعد هناك علي ما يبدو من يهتم أو يتأثر.. فهو حادث من بين آلاف الحوادث التي ستظل تتكرر بنفس الطريقة لأن نفس المشكلة مازالت قائمة.. وليلهم الله أهالي هؤلاء الشهداء الصغار الصبر والسلوان.. فهذا كل ما نستطيع أن نقوله وأن نقدمه. *** وظل مدير مستشفي فوه للتأمين الصحي بكفرالشيخ يجادل ويؤكد في برنامج تليفزيوني أن المريض الذي دخل المستشفي يعاني مشكلة في القلب قد تم عمل اللازم له وتحويله لمستشفي في الإسكندرية وأنه الآن في حالة جيدة. وظهرت نجلة المريض في نفس البرنامج لتفاجئه بالقول إن "المريض مات" وإن والدها قد توفي الاثنين الماضي ودفن يوم الثلاثاء..!! ولا تعليق علي موقف مدير المستشفي ولا لوم ولا عتاب.. فالمريض مات.. والدكتور يقول إنه في حالة جيدة.. يبقي نقول إيه..! *** وأخيراً.. وقفت أتابع وأراقب "الكلب" الذي يقوم بالكشف عن المفرقعات في مدخل السفارة الأمريكية بجاردن سيتي.. وواثق الخطوة يمشي ملكاً.. فالكلب الذي أقاموا له استراحة خاصة للطعام والمشروبات علي رصيف الطريق لفترات الراحة.. يسير بتؤدة وثقة وهو يلف ويدور حول السيارة ليمنحها شهادة البراءة للعبور بعد أن يهز ذيله..! والكلب كما لو كان مدركاًَ أنه يقوم بمهمة لحراسة الأمريكان.. فإنه لا يتحرك مثل بقية كلاب العالم.. ده بيحكم ويتحكم ومن حقه..!