وكان التحدي الأكبر والأهم الذي واجهه الرئيس عبدالفتاح السيسي متمثلاً في شعبية الرئيس أم اصلاح الاقتصاد. فالرئيس كان عليه اتخاذ مجموعة من القرارات الاقتصادية الصعبة وأن يقوم بإعادة هيكلة جديدة للاقتصاد المصري. وهي القرارات التي تجاهلها حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك طيلة 30 عاماً والتي لم يقدر الرئيس أنور السادات من قبله علي تنفيذها. وقرر الرئيس أن يختار الطريق الأصعب وهو المضي قدما في اتخاذ القرارات الاقتصادية التي تنقذ مصر وأن يتحمل أيضا مشاق الاصلاح الاقتصادي. وكانت هناك توقعات وتحذيرات من أن القرارات الاقتصادية سوف تواجه بمعارضة شعبية وأن تطبيقها سيكون ورقة في صالح أعداء النظام. وطالب البعض من الخائفين علي مصر الرئيس السيسي بتأجيل هذه القرارات التي يمكن أن تثير القلاقل والاحتجاجات. ہہہ ولكن الرئيس لم يكن أمامه العديد من الاختيارات. فإما الاصلاح الاقتصادي واما إعلان إفلاس مصر. ہہہ ولأن الرئيس قد راهن علي وعي الشعب المصري فقد تقبل الشعب بتفهم واستجابة القرارات الصعبة ثقة منهم في الرئيس وإدراكاً منهم لخطورة الأوضاع ومدي ما يمكن أن يحدث إذا لم تكن هناك مواجهة صريحة وحاسمة وعاجلة. ونجح الرئيس في الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار الذي كان مضمونه ومغزاه شهادة ضمان للاقتصاد المصري وفي قدرته علي التعافي. وفي 4 أبريل 2017 كتبت صحيفة "اليو اس إيه توداي" تعلق علي ذلك قائلة إن الاقتصاد المصري قد استفاد من قرض صندوق النقد الدولي وإنه يسير خطوات واضحة علي طريق التحسن والانطلاق. وكان الرئيس السيسي حريصاً عند لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي أن يؤكد أن الاقتصاد قبل كل شيء. قبل التباحث حول كيفية مكافحة الإرهاب وقبل الحديث أيضا عن المساعدات العسكرية لمصر. ہہہ ولأن البعد الاجتماعي كان مطلوباً في عملية الاصلاح الاقتصادي. ولأن الرئيس كان حريصاً علي ألا تتأثر الطبقات الفقيرة والمتوسطة فإن منظومة الدعم استمرت قائمة في بعض القطاعات. ونجحت الحكومة في القضاء علي طوابير الخبز من خلال تطبيق منظومة الخبز. كما طبقت أيضا نظام الكروت الذكية في صرف السلع التموينية التي زادت من 3 إلي 20 سلعة. وبدأت حركة السوق تشهد انتعاشاً. وتدفقت استثمارات جديدة أحدثت رواجاً بعد قرارات تعويم الجنيه وتخفيض قيمته حيث ساهم هذا القرار في تراجع العجز التجاري بنسبة 44% وزيادة الصادرات بنسبة 25%. وبدأنا نسمع من جديد العديد من التقارير الدولية التي تبشر بارتفاع منتظر للجنيه المصري في مواجهة العملات الأجنبية. وبعد أن كان الدولار الأمريكي يواصل قفزاته المجنونة فإن الدولار توقف منذ شهور طويلة عند حدود معينة وأصبحت قيمته في البنوك الرسمية موازية لقيمته في السوق الموازية والسوق السوداء. وزاد علي ذلك وجود توقعات بانخفاض محتمل في الأسعار خلال الفترة القادمة. وهو ما بدأ يتضح بالفعل في أسعار الكثير من السلع الضرورية والكمالية نتيجة لتوافر الدولار وتثبيت سعر الدولار الجمركي. ہہہ وكتب موقع "بلاستينج نيوز" الايطالي يبشرنا بنمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.4% خلال العام المالي الجاري وذلك في ضوء سير الحكومة المصرية علي الطريق الصحيح وهو ما سيجعل مصر واحدة من البلدان الاكثر استقراراً في شمال أفريقيا. غير أن الخبر الأهم يبقي هو زيادة احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلي 36 مليار دولار في نهاية أغسطس الماضي. وخرج علينا رئيس البنك الدولي جيم يونج كيم ليقول في 12 أكتوبر الجاري إن الاقتصاد المصري يسير علي الطريق الصحيح وإن خفض الدعم وفر 13 مليار دولار تنفق لصالح محدودي الدخل. وأتي صندوق النقد الدولي لمنحنا شهادة الاطمئنان عندما أكدت بعثة الصندوق التي زارت القاهرة مؤخراً انحسار متوسط معدل التضخم إلي 1.22% بنهاية العام المالي الحالي وإلي تراجع الدين المحلي إلي 68.6% من إجمالي الناتج المحلي مقابل 80.2% في تقديرات سابقة. وتحقيق قناة السويس لايرادات قدرها 5.5 مليار دولار في العام الحالي مقابل 5 مليارات في العام المالي السابق وجذبت السوق المصرية استثمارات أجنبية مباشرة بحوالي 4.9 مليار دولار خلال العام المالي الحالي مقابل 8.8 مليار دولار في العام السابق. ہہہ أما كيف يحدث ذلك وكيف تجنبنا كل التوقعات التي كانت تتحدث عن انهيار محتمل للاقتصاد المصري في عام 2017 فإن الإجابة تنحصر في وجود الثقة بين النظام الحاكم والشعب. فالناس قد صبرت وتقبلت أن تصبر أعواماً أخري لأنها لمست الصدق في جهود الإصلاح ولأنها أدركت أن الدولة لا تتستر علي أي فساد ولأنها رأت بوادر سريعة للإصلاح. ولأن الناس تشهد كل يوم مشروعاً قومياً جديداً يتحقق وجهوداً صادقة تبذل.. الناس في مصر لديها حاسة خاصة للشم تدرك بها وتميز من خلالها بين وعود الخداع وبين حقيقة التنفيذ. والناس في مصر تري أن هناك نتائج تتحقق وأن هناك نسائم وبوادر للنمو والنجاح.