كنا دائما علي قناعة بأن القرار القطري لا يتخذ في العاصمة الدوحة وأن حاكم قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني لا يملك حرية القرار أو رسم السياسات لأنه لا حول له ولا قوة في صراعات ومؤامرات وخطط وسيناريوهات يتم التحضير لها ووضعها خارج الحدود العربية. والسيناريو كان واضحا في أن تكون قطر هي المدخل لإحداث شرخ وانقسام في العالم العربي وإنهاء دور الدول المحورية الرئيسية وإضعاف هيبة حكامها وقادتها وإثارة القضايا الداخلية الحادة والجدلية داخلها وصولا إلي مرحلة الثورة علي أنظمة الحكم وتفكيك هذه الدول من خلال صراعات وحروب عرقية ومذهبية ودينية بحيث تصبح دولا في حاجة إلي المساعدات والدعم والتدخل الخارجي. وكانت "الجزيرة" هي الأداة في تنفيذ هذا المخطط وهي أول مراحله حيث أدرك من خططوا لسيناريوهات المنطقة أن المرحلة الحالية والقادمة هي مرحلة الإعلام وأن من يملك السيطرة عليه وتوجيهه يملك العقول ويحرك الرأي العام ويشكل اتجاهاته وتصوراته. وللحقيقة وللتاريخ فقد نجحت "الجزيرة" في مهمتها وانبهر بها الشارع العربي في بداياتها وربما تفاعل معها أيضا. ولكنه نجاح وانتشار لم يستمر طويلا بعد أن أدركت الدول العربية خطورة "الجزيرة" علي العقل العربي فبدأت في كشف سمومها وأكاذيبها واختلاط المهنية بالسياسة في لعبة غسيل الأدمغة التي كان يراد لها الاستمرار والتأثير. *** وبعد "الجزيرة" جاء دور المال في إحداث التغيير المطلوب. فقامت قطر بتوجيه خارجي بتمويل منظمات "التغيير" في العالم العربي وكانوا وراء دعم حركات احتجاجية في العالم العربي وتدريب كوادرها مثل حركة "كفاية" وحركة "6 أبريل" بهدف واضح وهو إسقاط الدولة المحورية في العالم العربي وهي مصر عن طريق شعارات ومبادئ براقة كالديمقراطية والشفافية وحقوق الإنسان والتي تبلورت في شعارات ثورة يناير 2011 بعيش - حرية - عدالة اجتماعية. وعندما فشلت ثورات الربيع التي كان مقررا لها إحداث التغيير والانهيار المطلوب كان الاستقواء بالأصدقاء. بأطراف تنفيذ المخطط. بإيران وتركيا لضرب دول الخليج من الداخل ووقف دعمها ومساندتها لاستقرار العالم العربي. وكانت أزمة قطر مع دول المقاطعة العربية مرحلة جديدة في هذا المسلسل. وهي مرحلة لم تكن متوقعة لدي الذين يرسمون سياسات المنطقة. فهم لم يتوقعوا أن تقف السعودية والإمارات والبحرين في خندق واحد إلي جانب مصر في التصدي علانية للدور القطري. ولم يكن في حسبانهم أن هذه الدول سيكون قرارها مستقلا وسوف تستخدم كل الأوراق المتاحة لهم لوضع نهاية للتجاوزات التي ترتكب من قطر ومن يساندونها. ولأنها لعبة المصالح والحسابات.. فقد صدرت الأوامر من ولي الأمر الأمريكي لقطر بضرورة التهدئة والتراجع وإعلان قبول الحوار لكتابة النهاية لهذا الفصل والبحث عن بداية جديدة لفصل آخر من التآمر والخداع. إن قطر التي استهزأت بالوساطة الكويتية من قبل تتحدث الآن عن الحوار لحل الأزمة. ولا ثقة ولا أمان لوعود قطر وحواراتها في الغرف المغلقة. ولا حديث مع قطر بدون ضمانات. وضمانات دولية.. ومواقف قطرية معلنة رسميا قبل أي حوار أو نسيان للماضي والصفح عنه. *** ونترك قطر التي شغلتنا عن المذابح التي ترتكب ضد المسلمين في بورما. وصمت العالم في مواجهة هذه الجرائم غير الإنسانية والتي تقوم بها الأغلبية البوذية "50 مليونا" ضد أقلية مسلمة "4 ملايين". فالأغلبية البوذية تهاجم وتغتصب وتلاحق الأقلية من المسلمين في قراهم ومدنهم وتلاحقهم لمنعهم من الهرب ويتم الاعتداء عليهم واغتصابهم وقتلهم. ما يحدث في بورما عنيف ومخيف ومؤلم. ولكن الأكثر منه إيلاما هو ضعف الصوت الإسلامي في هذه الأزمة وعدم قدرتنا علي تحريك الرأي العالم العربي للضغط لحماية المسلمين هناك..! إننا نواجه إزدواجية في المعايير العالمية تجاه قضايا حقوق الإنسان. ويبدو أن هذه القضية أصبحت معاييرها سياسية فقط ولم تعد إنسانية وستظل كذلك. *** ونعود لقضايانا في الداخل. وحديث للمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي يعلن فيه عدم ترشحه للرئاسة مرة ثالثة في الانتخابات الرئاسية القادمة. وتأكيد حمدين علي عدم الترشح كان متوقعا. فقد سبق له أن خاض تجربتين سابقتين أضاعتا رصيده السياسي تماما بعد أن أثيرت حوله الكثير من الأسئلة الحائرة حول مصادر دخله وتمويله ومصداقيته. ولا يملك حمدين حاليا رصيدا شعبيا يؤهله للمنافسة أو حتي للترشح..! حمدين كان ورقة لها سحرها وتأثيرها في مرحلة فوضي ما بعد ثورة يناير ولم يعد له وجود أو تأثير يذكر..! *** أما المخرج عادل أديب والذي لم نر له عملا إبداعيا سينمائيا أو تليفزيونيا. فإنه يقول في حديث تليفزيوني "إن الفنانين الصح. بشكلهم الإيجابي هيكونوا ورثة للأنبياء والعلماء"..! وأن يكون للفن والفنانين دور فإن هذا حديث لا غبار عليه ولا نقاش حوله. فالأمم التي لا تعرف ولا تدرك أهمية الفن لا تعرف طريق التقدم ولا الحضارة. ولكن حديث أديب عن أن الفنانين يمكن أن يكونوا ورثة للأنبياء حديث لا يخدم الفن ولا مكانة العاملين به ويفتح الباب أمام إظهار سلبياتهم وعوراتهم. وإذا كان التعبير قد خان أديب في وصفه لم يكن جيدا فإن علي أديب أن يدعو أهل الفن أولا إلي احترام رسالة الفن وقيمته وأن يكونوا علي قدر المسئولية في إظهار قيمة وعظمة الأمة المصرية. فنحن لسنا مجتمعا للرقص والجريمة والمخدرات.. و"الأسطورة" لا يصلح يوما أن يكون من ورثة الأنبياء..!! *** وأخيرا فإن أغلي عشر مدارس في مصر.. الأولي تبدأ ب 400 ألف جنيه سنويا.. والعاشرة في حدود المائة الألف جنيه مصروفات في العام للطالب..! والغاوي ينقط بطاقيته.. وفيه ناس وناس.. ناس بتكسب ولا تتعبش.. وناس بتتعب ولا تكسبش.. والتعليم أيضا درجات ومستويات وأسياد وعبيد..!