يتساءل الرأي العام علي أسباب عدم احراز أي تقدم في مساعي الصلح والوساطة مع قطر ودول المقاطعة الأربعة. ويزداد الغموض إزاء استمرار قطر في عنادها وتصلبها وتحديها للإرادة الخليجية والعربية. والواقع أن الموقف القطري كان متوقعا منذ البداية. وكنت واحدا من الذين أكدوا أن قطر لن تقبل بالوساطة ولن تلتزم بالثوابت الخليجية في ذلك. فالدولة التي أصرت علي أن تحل خلافها الحدودي مع شقيقتها البحرين عبر التحكيم الدولي لن تقبل في قضية مصيرية أن تحل بوساطة محلية..! ولن تقبل قطر بأي وساطات من أي نوع لأن قطر تتمتع حتي الآن بحصانة أمريكية وإسرائيلية تجعلاها تقاوم كل الضغوط والدوافع العربية للقبول بمطالب دول المقاطعة الأربعة وبدأ حوار علي أساس هذه المطالب. فالولاياتالمتحدةالأمريكية لم تمارس حتي الآن ضغوطا علي قطر للتجاوب مع جهود الوساطة التي تقودها الكويت. ومازال للمال القطري نفوذه وتأثيره في العاصمة الأمريكيةواشنطن وحيث تنفق قطر بسخاء علي جماعات الضغط وشركات العلاقات العامة الأمريكية من أجل منع الإدارة الأمريكية من تصعيد مواقفها ضد قطر أو حتي التدخل الجدي في المشكلة. ويأتي الموقف الأمريكي غريبا ومتناقضا مع ما تدعيه واشنطن من محاربتها للإرهاب ومعاقبة القائمين عليه. وتعامل الولاياتالمتحدة مع قطر في هذه القضية قد يعكس رغبة أمريكية في أن يظل الإرهاب بعيدا عنها وأن لا تصطدم مع ذئاب الارهابيين الطائرة الموجودة في عدد من عواصم العالم والتي قد تتجه اليها بعملياتها الإرهابية. وواشنطن في ذلك تتخلي أيضا عن حلفائها في الغرب الذين يواجهون عمليات إرهابية من تنظيمات متطرفة لها جذورها المتشعبة وقياداتها وعملياتها التي ترجع الي منظمات قامت قطر بتمويلها وتقديم الدعم لها. ان قطر تقاوم وتتحدي وتنتظر أن تكون دول المقاطعة هي من يبادر بالجلوس معها والتفاوض وتقديم التنازلات أيضا.. وهو رهان سيظل خاسرا لأن التغيير في قطر قادم.. قادم.. وهو تغيير من الداخل ولن يكون من الخارج..! *** ونترك قطر وبلاويها لنتحدث عن القضايا المحلية المثارة وعلي رأسها ما يتعلق بالسكة الحديد وما يقال عن الدعوة الي خصخصة هذا القطاع الحيوي الهام. وبكل الصراحة وبعيدا عن المزايدات فان كل الادارات الحالية والسابقة لهيئة السكك الحديد فشلت في تنفيذ أي وعود لإصلاح أحوال هذا المرفق الهام وتزداد حالة القطارات سوءا وتدهورا وتهبط الخدمة الي أدني درجاتها. وقد يكون لدي البعض حساسية بالغة من تعيبر "الخصخصة". ورفض مسبق لأي حديث عنه. ولكن "الخصخصة" قد تكون هي الحل. وقد تمثل البداية لخدمة أفضل وذلك ان كان هناك من سيقبل الاستثمار في هذا القطاع.. ومن سيقبل أن يدخل في صراعات ومشاكل مع 90 ألف عامل اعتادوا علي الأجور والحوافز بدون أداء جيد. واذا كانت الخصخصة أمرا صعبا أو مستحيلا فاننا علي الأقل في حاجة الي خبرات ادارية أجنبية يتم الاستعانة بها في هذه المرحلة لتقديم خبراتها لضبط الايقاع ومنحها السلطة والمسئولية كاملة للتطوير والتحديث ووقف الانهيار. *** وليس مقبولا في ظل هذه الأوضاع أن يكون هناك من يدعو ويمارس اضرابا عن العمل وتعطيل الانتاج. ففي الوقت الذي ندعو فيه الي الاهتمام بصناعاتنا الوطنية ونأمل في زيادة التصدير فان عمال مصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبري يمارسون اضرابا عن العمل وتوقفت المصانع مما أدي الي خسارة تزيد علي 40 مليونا من الجنيهات حتي الآن. وقد تكون للعمال مطالبهم المشروعة.. وقد يكون لديهم أسباب للتوقف عن العمل للتعبير لايصال صوتهم ومطالبهم.. ولكن الاضراب مرفوض بكل معانيه. والاضراب هو نوع من الابتزاز في الأوقات الصعبة.. والاضراب ليس مقبولا كأساس للحوار.. ولا يجب التفاوض مع العمال الا بعد انتهاء الاضراب والعودة الي الانتاج. ان عمالنا في قلعة النسيج الأولي بالشرق الأوسط. في المحلة الكبري والذين يتمتعون بوعي وفكر سياسيي مرتفع عليهم مسئولية وطنية في تصحيح المسار والعودة الي حوار العقل والمصلحة والقراءة الجيدة للظروف والأحداث. *** وأتحدث عن قضية أخري بالغة الدلالات تتعلق بتشويه نجوم وفناني مصر..! وأتناول ما حدث صباح أول أمس عندما استيقظنا علي العديد من الأخبار في المواقع الالكترونية تتعلق بالقاء القبض علي الفنان عمرو يوسف وزوجته الفنانة كنده علوش وبحوزتهما مخدرات. وقد ظلت الأخبار تتنقل من موقع لآخر. وكل موقع يؤكد انه سينشر بعد قليل المزيد من التفاصيل..! ولم تنشر هذه المواقع تفاصيلا جديدة. بل نشرت تكذيبا واعتذارا خوفا من الملاحقة القضائية بعد أن تبين أن الخبر لا أساس له من الصحة..! وما حدث في هذه الواقعة يكشف حال الصحافة الالكترونية في مصر والتي أصبح بعضها مصدرا للاشاعات والأكاذيب واختلاق الوقائع والأخبار. فبقدر ما هناك بعض المواقع الالكترونية الاخبارية المحترمة والوقورة أيضا والتي تتمتع بمهنية رفيعة المستوي فان هناك مواقع الكترونية أشبه بمنتجات "بير السلم" تقوم علي الابتزاز والتشهير والبحث عن الفضائح علي حساب الحقيقة وسمعة الأبرياء. ولهذا نتحدث دائما عن قيمة وأهمية الصحافة القومية في حماية المجتمع من انهيار مدمر في وسائل المعرفة ونقل الأخبار. ونؤكد في كل المناسبات علي أن الصحافة القومية هي نوع من الأمن القومي لأنها تمثل الحقيقة والمهنية والمصداقية. فالخبر الذي نشر عن عمرو يوسف وكنده علوش يثبت أن من نشره يفتقر الي المهنية لأنه لم يقم بالتحقق منه قبل النشر ولم يهتم ولا يعرف أيضا حدود مسئوليته الاعلامية.. وهذه هي القضية والمشكلة..!