نشر لي بجريدة الجمهورية يوم الأربعاء 8 فبراير الماضي مقال عن حتمية عودة المجالس المحلية لممارسة اختصاصاتها وفقا لأحكام الدستور. وذلك من واقع أن غالبية المحافظين ورؤساء الأحياء والمدن أو المراكز يكونون في الأغلب من غير أبنائها. لذا فان وجود هذه المجالس الي جوارهم يعتبر أساسيا لامدادهم بالخبرة والمعرفة بأحوال الاقليم واحتياجاته. وتنقل لهم نبض المواطنين ومطالبهم. فأعضاؤها من نسيج المجتمع المحلي فهم بذلك أدري باحتياجاته ومطالبه. فتعوض بذلك ما قد يكون لدي المحافظ من نقص معرفي بأحوال الاقليم. أما بعد صدور قرار المحافظ في شأن اداري ما يخصهم فيكون لديهم قدرة عن غيرهم علي شرح أسبابه وأهدافه للناس وحثهم علي المشاركة في التنفيذ ثم تحمل المسئولية أمام المواطنين عن هذا القرار. كما انها تعتبر مدرسة يتعلم فيها أعضاؤها ممارسة العمل الديمقراطي والمشاركة في صنع القرار واقعيا وعمليا. ورغم ذلك فقد وافق رئيس الوزراء في اجتماع المجلس الأخير والذي عقد يوم الاثنين 20 مارس الجاري علي انشاء المجالس الاستشارية للتخطيط بالمحافظات والتي لن يكون لها طابع سياسي. بل ستتضمن أفضل الخبرات المتاحة في كل محافظة في مختلف المجالات وذلك للمساعدة في تقديم المشورة فيما يتعلق بأولوية المشروعات في كل محافظة. وفقا لاحتياجاتها بشكل دقيق. وبحيث تعمل بشكل تطوعي دعما لعمل المحافظ. والحق ان قرار رئيس مجلس الوزراء هذا يعد خطوة علي الطريق لتحسين أداء المحافظين ورفع قدرتهم علي تحمل أعباء مسئولياتهم تجاه محافظاتهم وأبنائها. الا انها لا تعوض أبدا عن حتمية وجود المجالس المحلية. فالأخيرة منهاج ادارة كامل وفلسفة شاملة في الادارة المحلية تعتمد علي نظام متكامل بات معروفا في معظم الدول الحديثة التي تأخذ بنظام الادارة المحلية والإقلال من الاعتماد المركزية في كل شيء يخص المحافظات. وليس مجرد مجلس استشاري قد يختار المحافظ أعضاءه وفقا لاعتبارات أو معرفة شخصية له. فيتحول بذلك لمجلس سمر وليس لجهاز اداري. ويحدد هو ما يعرض عليه وما لا يعرض ومواعيد انعقاده ودون الزام له في الأخذ بتوصيات هذا المجلس.. لذا فاننا نري. وكخطوة تمهيدية لعودة المجالس المحلية. انه يجب ان يصدر قرار تكميلي من رئيس الوزراء يحدد نطاق عمل واختصاصات تلك المجالس. ما يتحتم علي المحافظ عرضه عليها من موضوعات. ومواعيد انعقادها الشهرية. وبيان حتمية أخذ المحافظ بتوصياتها من عدمه. وعن كيفية تشكيلها والخبرات الادارية والعملية والعلمية التي يتحتم توافرها فيه. ومدي إتساق تشكيلها مع تمثيل كافة فئات المجتمع بمدن ومراكز المحافظة. مع تحديد مقابل نقدي مناسب كبدل حضور الجلسات ليعوض أعضائها عن نفقات وتكاليف حضورها. انها خطوة علي الطريق لا تغني أبدا عن الطريق السليم وهو وجود المجالس المحلية. وهي للأسف كانت موجودة حتي أحداث يناير 2011 وتم حلها. فهل نتقدم للأمام أم نعود للخلف؟