كنا نفتخر بأننا شعب يتميز بالاعتدال والوسطية.. يكره التطرف.. يراعي أخلاق أولاد البلد.. وكانت الشهامة والجدعنة سمة المصري الأصيل.. لكن بعد حكاية "اللي عنده معزة" أصبحت أشك أن هذه الصفات مازالت موجودة في المجتمع المصري. حكاية "اللي عنده معزة" لمن لا يعرفها هي خناقة بين اثنين من أولياء الأمور في مدرسة انترناشيونال.. أم طالبة في الحضانة بدأت المعركة لأن طفلاً مع ابنتها في الحضانة "حضنها وباسها" وقالت إنها منتقبة وزوجها ملتح ولا تفعل ذلك وهددت بأن ابنها الأكبر "في خامسة ابتدائي" سينتقم للشرف المهدر!! وجاء رد والد الطفل المتهم بشكل أكثر إثارة للدهشة قائلاً إبني عبدالرحمن يبوس اللي تعجبه ولو "بنتك مؤدبة مكنش عمل كده.. واللي عنده معزة يربطها ويلمها". القصة أصبحت متداولة علي أنها نكتة لكنني أعتقد أنها مؤشر خطير علي التدهور الأخلاقي الذي أصاب المجتمع ومدي التطرف في عقلية الآباء والأمهات ومدي خطورة القيم والأخلاق التي نزرعها في نفوس الأجيال القادمة. لم أفهم كيف تصورت الأم أن طفلاً 5 سنوات لديه دوافع جنسية ليحضن ويبوس ابنتها.. ولا أعرف لماذا تصرفت بهذا الشكل المتطرف.. العقل والمنطق يقول إنها تتصل بوالد الطفل لكي يلاحظ إذا كان هناك انحراف في سلوك ابنه وأن تشرح لابنتها أن هذا سلوك لا يليق من الطفل وأن أخلاقنا وديننا يرفضان هذا الأسلوب. وكان من المفترض من الأب أن يعتذر ويقول لها إن ذلك "لعب عيال" وأنه سيشرح لابنه أن أخلاقنا وديننا يرفضان هذا السلوك وأن يشكرها لأنها لاحظت خطأ في تصرفات ابنه وأنه سيسعي لتصحيحه. الغريب أن ردود الفعل علي حكاية "اللي عنده معزة" تكشف مدي التدهور في أخلاق المجتمع.. الفريق المناصر للأم يتهم والد عبدالرحمن بأنه منحل ويدعو للرذيلة والفساد.. والفريق المناصر للأب يري أن أم الطفلة مهووسة جنسياً ومتطرفة فكرياً. قصة مؤلمة وأخشي أن شروخاً عميقة ظهرت في أخلاق وقيم المجتمع ولم نعد نفتخر بأننا شعب يتميز بالاعتدال والوسطية وكل ذلك بسبب "اللي عنده معزة".