غياب التفاهم الأمريكي الروسي والذي ظهر في جنيف "4 " أدي إلي حدوث اختراق في المحادثات مع بدء المفاوضات.. وبصرف النظر عن أجندة المفاوضات والتفاهمات في جنيف 4 غاب عنها ذكر المرحلة الانتقالية.. وعدم التفاهم الروسي الأمريكي لايعني سوي أنه خلطاً في الاوراق واستمراره يعرقل حل الازمة السورية.. كما أن افتقاد الوضوح في المعادلة الدولية والذي ظلل علي جنيف "4" .. بل إن كل دول العالم تنتظر وضوح سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة.. بما فيها روسيا التي كانت تتوقع مرحلة تعاون مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب.. ومع أن إدارة الأخير ما زالت هي وحلفاؤها في ترقب بعض التقارب مع موسكو. فإن المقدمات التي تسبق هذا التطور تنبئ بأنه لن تتم في شكل أوتوماتيكي. وفريق ترامب لا يفوت مناسبة الا وانتقد سياسة روسيا في أوروبا وأوكرانيا.. كما أن المواقف الامريكية المتشددة إزاء حليفة موسكو الاستراتيجية إيران فهي أصبحت مصدر احراج لروسيا في العلاقة مع الحليف.. والمشكلة الوحيدة التي تواجه الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف هي عدم وضوح الأجندة الخاصة بعملية التفاوض. وأن أول شيء يجب أن يذكر التفاوض عليه هو عملية انتقال السلطة بالنسبة للمعارضة السورية.. أما في سوريا فإن خلط الأوراق يقوض الأسس التي أطلقت المرحلة الجديدة للمفاوضات علي الحلول تأسيساً علي استعادة التحالف الروسي السوري الإيراني بعد سيطرة الجيش السوري علي حلب بدعم روسي وايراني كامل.. وجاء بعدها التحالف الثلاثي بين روسياوتركيا وايران وهذا أدي إلي اجتماعات آستانا 1 واستانا 2 برعاية روسياوتركياوإيران.. وقف اطلاق النار الهاش مما ادي للوصول لحل سياسي.. إلا أن هذا التحالف الثلاثي ما لبث أن أصيب بهشاشة نتيجة الهجوم الأمريكي المستمر علي إيران.. والذي يشمل رفض رجال ترامب وحليفتهم إسرائيل علي استمرار وجود إيران في سوريا وكذلك الميليشيات الحليفة لها.. إضافة إلي اندفاع إدارة ترامب نحو المزيد من العقوبات ضد طهران ومواجهة تدخلاتها في دول الخليج العربي.. كما ظهرت الهشاشة في التحالف الثلاثي لايران وتركياوروسيا فكان عودة تركيا إلي اتهام إيران بأنها تسعي إلي السيطرة علي منطقة الشرق الاوسط وسوريا.. مما أدي الي إطلاق حملات إعلامية متبادلة بين أنقرةوطهران.. لكن اتباع طهران لخطوات ميدانية مستقلة بالتعاون مع قوات النظام السوري أفقد موسكو مصداقيتها في الحفاظ علي وقف اطلاق النار الذي أرادته ثابتاً من أجل استثمار إنجازاتها العسكرية في الحل السياسي.. ومن الطبيعي أن تطلق عودة التمايز بين أنقره عن طهران.. مما أدي لدفع ارتفاع نبرة واشنطن خلافاً لتساهل إدارة باراك أوباما. والقيادة الإيرانية إلي الاستنفار والتمسك بأوراقها السورية.. بموازاة محاولات فتحها ثغرات دبلوماسية بطرح الحوار مع دول الخليج. وهي احتاجت في الأسابيع الأخيرة إلي مشاركة قوات النظام في خرق وقف اطلاق النار.. واحتلال المزيد من المناطق وطرد المعارضة منها والتي تقوم بتمويلها ودعمها واشنطن خلافاً لاتفاقات آستانا.. كل هذا إما استباق لتفاهم أمريكي و روسي علي حسابها. أو لتحصين موقعها إزاء أي اندفاعة أمريكية إسرائيلية ضدها وقصف الطيران الإسرائيلي مستودعات صواريخ في القلمون.. وكما أن تقارب أنقرة مع واشنطن. تحت عنوان العمل علي إقامة مناطق آمنة في سوريا. مع قلق موسكو منها فهي لطالما عارضت هذه الخطوة مشترطة التعاون مع النظام السوري حتي لاتتكرر مأساة العراق متجاوزاً التناغم مع الإيقاع الروسي في الانفتاح علي الأمريكيين. فأخذ يعد ترامب بالتعاون معه. تحت عنوان محاربة الإرهاب. يواكب كل ذلك تقارب سعودي تركي أعاد طرح اقتراح الرياض المشاركة بقوات سعودية خاصة للمساهمة في تحرير الرقة من "داعش". والتي يتهيأ الأمريكيون لإرسال قوات علي الأرض للمشاركة فيها أيضاً.. ربما تكون روسيا واحدة من الدول القلائل التي تملك رؤية وأفكاراً للحل السياسي في سوريا. وهذا ما بدا في الموقف الذي عبّر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتزامن مع انعقاد مؤتمر جنيف الذي تمني له كل نجاح. وقدّم تصورا واضحا للأهداف منه. والمتمثلة بمنع أي تدخل خارجي في سوريا لدي حل مسألة الحفاظ علي وحدتها. مشيرا إلي أن هدف موسكو في سوريا هو حماية السلطة الشرعية ومحاربة الإرهاب هناك وهو ما لايعجب امريكا وحلفاءها .وملامح المفاوضات الجديدة في الميدان السوري تخالف المعطيات التي استندت جنيف -4 إليها. وتقلبات الملعب السوري تخفّض التوقعات مجدداً..ويبقي السؤال الي اين يصل صراع المفاوضات الامريكي الروسي؟!!