الحديث عن العلاقة بين مصر والسعودية يجب أن يأخذ في اعتباره حقائق وثوابت حاكمة أهمها أن السعودية لها مكانة عظيمة في نفوس المصريين الذين يفدون إليها بمئات الآلاف كل عام ما بين معتمر وحاج. وأن السعودية لها مكانة خاصة لدي النظام السياسي بدليل أنها أول دولة زارها الرئيس عبد الفتاح السيسي في مستهل جولاته الخارجية عقب توليه المسئولية. كما أن للسعودية سفيرا عاشق لمصر وهو السفير أحمد عبد العزيز القطان الذي نكاد نشعر أنه مصري مثلنا. وتاريخياً لا ننسي أن مصر هي أول دولة هبت لنصرة السعودية وغيرها من دول الخليج إبان الغزو العراقي للكويت 2 أغسطس 1990. كما لا ننسي أيضاً الموقف السعودي المشرف في حرب أكتوبر 1973 وما فعله الراحل العظيم الملك فيصل دعماً لمصر. ومن ثم فإنه من الضروري تقييم العلاقة بين البلدين في سياقها التاريخي والطبيعي. والأمر يستلزم المصارحة في إطار نقطتين.. 1⁄4 الأولي: تباين وجهات النظر بشأن القضية السورية. 1⁄4 والثانية: قضية جزيرتي تيران وصنافير. وفيما يتعلق بالنقطة الأولي فالأمر لا يستحق أن يكون مجالاً للخلاف. إذ أن موقف مصر يرتكز إلي 5 محاور أبرزها الحفاظ علي وحدة الدولة السورية. وأن يقرر الشعب السوري مصير نظامه السياسي. وهو أمر لا يجب أن يغضب الأشقاء بالسعودية حتي ولو كان لهم موقفهم الخاص من نظام الأسد. أما بخصوص الجزيرتين. فقد كان الموقف الرسمي واضحا حين وقعت الحكومة في شهر ابريل الماضي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. والتي تعطي أو تعيد السيادة علي الجزيرتين للسعودية. ولكن مصر دولة مؤسسات.. والحكومة لا تعمل بمفردها. إنما تخضع لرقابة من جانب مؤسسات عديدة من بينها القضاء. ومصر لديها نظام قضائي دستوري عريق يستحيل تجاوزه وإلا نكون نتحدث عن دولة أخري غير مصر. وليس في الأمر ما يثير حفيظة الإخوة السعوديين وهم أهل واجب ويحترمون التقاليد والنظم الخاصة بالدول التي يتعاملون معها. تبقي نقطة أخيرة وهي الزيارة التي قام بها مؤخراً أحمد الخطيب مستشار العاهل السعودي لإثيوبيا. وشملت زيارة موقع سد النهضة التي لم تكن مدرجة ضمن جدول زيارته لإثيوبيا. وطبعا لم يفوت رئيس وزراء اثيوبيا الفرصة ودعا السعودية لتمويل مشروع السد. الموضوع في حاجة إلي حوار عاقل وتوضيح خاصة أن الأشقاء يدركون حساسية هذه القضية لدي المصريين. ومن الخطأ أن يتم التعامل مع ملف سد النهضة كنوع من المكايدة السياسية لمصر لا سيما أن طبيعة الزيارة غير معلومة باستثناء ما أعلن عنه من أنها تستهدف التعاون في مجال الطاقة. والذي نعلمه أن السعودية لا تعاني من أزمة طاقة حتي تبحث عن توليدها من مياه النيل.