اعتقد أن زيارة الأمير طلال إلي القاهرة في هذا التوقيت وبعد ساعات قليلة من الحادث الإجرامي البشع للكنيسة البطرسية. لم يكن فقط لرعاية حفل تخرج دفعتين من طلاب الجامعة العربية المفتوحة التي يشملها بفكرة ورعايته لجعل التعليم في العالم العربي في متناول الباحثين عنه. ويشغل رئيس مجلس أمنائها والتي تضم فروعها 8 دول عربية وساندها حتي حازت علي موقع متقدم عالميا. من وجهة نظري ان الزيارة تأتي في ظل ضباب وعلاقات عربية مضطربة ومتوترة وتجاذبات هنا وهناك تقدم أكثر من رسالة خاصة المسها منذ عرفت الأمير طلال في الرياض قبل نحو 32 عاما عندما أجريت أول حوار معه في مجلة "سيدتي" السعودية انه "عاشق" لمصر وخصها بزيارة مهمة اثناء قطع العلاقات المصرية مع السعودية في ثمانينيات القرن الماضي اثناء شغله منصب المبعوث الخاص ل "اليونسيف" في الشرق الأوسط.. ويومها قال لي الكاتب اللبناني القومي والمفكر الكبير فؤاد مطر هل تعتقد أن الأمير سيزور القاهرة بعد قطيعة سنوات كمبعوث شخصي لليونسيف وتستمر زيارته في لقاء رئيس مصر 6 ساعات في حديث عن الأطفال فقط؟ بالفعل الرجل يقدر مصر الشعب والدولة التاريخ والجغرافيا وأن استقرارها من استقرار هذه الأمة التي تعيش ظروفاً دقيقة وحرجة في مشرقها ومغربها. وأصابت المذيعة لحفل التخرج الأربعاء الماضي في تقديمها له لإلقاء كلمته أنه "عاشق" لمصر فقد علمت أن الأمير طلال حرص علي اكمال حفل التخرج وفي ذات الفندق المقرر وبالحضور المكثف كما كان مقررا حيث المعروف ان حشداً كبيراً من رجالات الدولة الحاليين والسابقين ولفيفاً من رجال الفكر والثقافة يحرصون علي الحضور واللقاء معه حيث أن الأمير طلال يمثل فكرا عربيا مستنيرا يهتم بشكل اساسي بالتعليم وحرية المواطن ويؤكد في مجالسه الخاصة التي كنت أحد ضيوفها في الرياض ان الأمم التي سبقتنا ليست خارقة للعادة لكنها تعمل علي رقي أبنائها. الأمير له رؤية واستراتيجية صحية وتعليمية لنهضة امتنا واصلاحها ومحاربة الفقر والجهل. والأمير يوجه الشباب دائما بعدم تسرب اليأس والاحباط إليه. ويري أن الطفولة العربية لم تلق الاهتمام الواجب من قياداتنا العربية بالشكل الذي يلبي طموحات الشارع العربي. ومن هنا كانت برامج برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأممالمتحدة الانمائية التي شرفت بحضور تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي صب اهتمامه بقضايا المرأة والطفل والتنمية المستدامة والتعليم. ومن هنا يدعو الأمير طلال بشكل جلي أن له مشروعاً اصلاحياً يركز علي الحوار والديمقراطية في البلاد العربية وأن المواطن العربي يثور ضد الاستبداد والظلم من أجل الكرامة وهذا ما حدثني فيه في حواري معه لمجلة "سيدتي" ومجلة "المجلة" عامي 84 و86 القرن الماضي وحديثه عن والده الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن وسياسة المجالس المفتوحة بين الحاكم والشعب ويومها أهداني كتاب المملكة يعد مرجعا مهما عن السعودية باللغة الانجليزية. والأمير في مجالسه اليومية في قصره بالرياض مع إعلاميين ورجال الفكر يستمع لكل الآراء حتي تلك التي تتعارض مع آرائه بصدر يعكس أريحية كبيرة وثقافة تنوير عالية للأمير طلال مغلبا المواطنة والانتماء العروبي علي أي شئ آخر رافضا سياسات التصنيف والتخوين وغيرها. ومن هنا كنت حريصا علي حضور تظاهرة الفكر والثقافة في قاهرة المعز للاستماع إلي الأمير طلال في هذا التوقيت المهم من تاريخ امتنا التي تعيش واقعا مؤلما نحتاج إلي صوت مستنير يغلب المصالح العليا لأمتنا علي المصالح الضيقة وهذا ديدن الأمير طلال منذ عرفته ويركز علي ذلك في حواراته ولقاءاته الاعلامية.