وزير التموين المقال.. ظاهرة عرفتها مصر منذ ثورة ..1952 ظاهرة عرفت سوء الإدارة وغياب الكفاءة والاعتماد علي أهل الثقة.. ظاهرة جماعات الضغط والفساد والاحتكار والمصالح.. الاحتكار في السلع الأساسية لشعب دائماً ما يستبد به ولم يعرف طريق الديمقراطية الحقيقية.. واحتكار الأدوية حتي بات الشعب المصري شعب الأمراض وخلط الصرف بالمياه الصالحة للشرب ناهيك عن المستشفيات والجهاز الطبي الذي لم يقدم للشعب المريض أية تسهيلات في علاجه من الآلام التي تنهش في جسده.. فضلاً عن جماعات المصدرين والمستوردين الذين لا يعنيهم سوي جلب سلع يحققون هوامش أرباح طائلة منها.. أما المصدرون الذين يحتكرون دعم التصدير وأموالهم بالدولار لا تعرف لها مصر طريقاً.. فضلاً عن جماعات التوريث في الأجهزة التنفيذية وما تسمي بالسيادية.. الصحافة والنيابات والقضاء والخارجية. وجماعات اللواءات.. وسط هذه الجماعات بمستوياتها المختلفة تقودها حكومات ضعيفة تأتي وترشح من خلالها.. ومن ثم تتشابك معها جماعات المصالح.. الذين لا يستحون بل ويتبجحون. ان وزير التموين المقال هو مشهد ضمن عدة مشاهد تعبر عن هذه الظواهر جميعاً رغم احترامنا للجميع ولكل من قدم لمصر جهداً وعملاً وشرفاً.. ونحن هنا لا نناقش مسائل شخصية. إنما نناقش سياسات لمسئولين يجب ان يعبروا عن هذا الشعب المسكين وإخراجه من عنق الزجاجة بدلاً من ابقائه في القاع أكثر من 40 عاماً. ولعل قول الإمام الشافعي يعبر عما نحن فيه الآن "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" ونفهم من ذلك ان الدين لا يحتكر الفكر ويواجه الاستبداد فيه ولا يقر بالرأي الواحد.. بل الأمر شوري لاثراء الفكر وترشيد العقل وتنمية السلوك وتغييره إلي الأفضل. ان كل المؤشرات من حولنا وتجارب الدول التي حققت تنمية مستدامة اعتمدت علي عوامل الإنتاج كما اعتمدت علي الكفاءات وليس علي الهواة أو المرشحين من قبل جماعات الضغط والمصالح. فيما اعتمدت أيضاً علي نبذ التمييز الوظيفي لفئة دون أخري بحجة أنها الأكثر وطنية. كما اعتمدت أيضاً علي الاصلاح الحقيقي لا الوهمي اصلاح يقوده علماء مختصون في علوم الدنيا والمجتمع مهمومون بمجتمعهم وإبداعاتهم من أجل اثراء الوطن وحل مشكلاته.. بدلاًمن الاعتماد علي أناس مشوهي الفكر يقدمون وطناً أعرج يسير بقدم واحدة وعليه فتأتي النتائج ناقصة ومشوهة. وهنا قدم لنا هذا التشويه مجتمعاً سعيداً بتسريب الامتحانات وباحثاً عن الواسطة لقضاء حاجياته ودافعاً من أجلها الرشوة للحصول علي حقه. فيما ينفق المليارات علي الدروس الخصوصية.. وعدم المبالاة بنظافة الشوارع وغيرها. ان قضية مصر الراهنة لا تكمن فقط في ضياع مال أو ثروة نهبت.. لكنها تكمن في أجيال أفسدناها بواسطة حكومات الهواة. فجاءت الأجيال مريضة وغير جادة.