في تاريخ مصر أيام تحمل ذكريات الفخر بما حققه رجالها من انتصارات حربية ودبلوماسية لاسترداد أرض سيناء حتي آخر شبر. منها رفع علم مصر علي أرض طابا في 19 مارس 1989. وقد عادت إلينا بعد مفاوضات دبلوماسية وتحكيم دولي. وغادرها آخر جندي إسرائيلي في منتصف مارس من نفس العام. ولذلك تحتفل محافظة جنوبسيناء بذلك اليوم الذي اتخذته عيدا قوميا لها. وفي يوم الاحتفال السبت الماضي بالذكري السابعة والعشرين لهذا الحدث القومي العظيم أبي أعداء مصر إلا أن يفسدوا فرحة المصريين بعودة طابا فتعاونوا مع الإرهابيين بالداخل علي سفك دماء حماة مصر من رجال الشرطة في مدينة العريش. فقذفوا رجال كمين "الصفا" بالطريق الدائري بقذيفة هاون استشهد علي اثرها رجال الكمين من ضباط وجنود وأصيب آخرون. ففقدت الشرطة المزيد من رجالها الذين يضحون بأرواحهم في سبيل أمن مصر. كما تصادف ايضا أن قدر الله قد نفذ في عشرات المصريين شهداء ومصابين كانوا في طريقهم لأداء العمرة فانقلبت بهم سيارة الشركة السياحية القائمة بالرحلة علي طريق الهجرة السريع بين مكة والمدينة بعدما استقلوها من مدينة جدة. والنتيجة لهذه الأحداث الإرهابية والقدرية كان أن ترملت زوجات أخريات وصارت الأمهات ثكلي والأبناء أيتاماً. وفي الاحتفال يوم الاثنين الماضي بعيد الأم قدمت القنوات المصرية قومية وخاصة لقاءات ليس مع الأمهات المثاليات فقط علي مستوي محافظات مصر من الذين كرمهن الرئيس عبدالفتاح السيسي. ولكن أيضا مع أمهات شهداء الشرطة وزوجاتهم وكانت البداية في برنامج "صباح الخير يا مصر" علي القناة الأولي مع المذيعة أميمة تمام التي أجرت حواراً مع السيدة إكرام حمدي والدة شهيد الشرطة الرائد "هشام شتا" أول ضحايا ضباط قسم كرداسة. والذي استشهد مع زملائه غدرا علي أيدي مجموعة من فصيل الإخوان الإرهابيين الذين لم يراعوا حرمة الموتي وراحوا يمثلون بجثثهم. ولازالت جريمتهم النكراء بلا عقاب رادع حتي الأن ولم ينفذ فيهم القصاص العادل برغم مرور أكثر من عامين ونصف العام علي هذه الواقعة. ولم تنس أميمة الأمهات المثاليات فالتقت أيضا مع ماجدة الجندي التي حازت علي اللقب علي مستوي محافظة المنوفية لتكون مثلاً يحتذي للمرأة المصرية المكافحة في سبيل تربية أبنائها وجعلهم مواطنين صالحين. وفي المساء في سهرة القناة الأولي قدم المذيع شريف فؤاد لقاء برنامج "أنا مصر" مع "نجلاء سامي" زوجة الشهيد "عامر عبدالمقصود" نائب مأمور قسم كرداسة. والذي ترك ولديه "أحمد وعلاء" صبيين يحتاجان رعايته. وتقول والدتهما إنهما سيلتحقان بالشرطة ليواصلا طريق والدهما. وهكذا تبرهن المرأة المصرية علي أنها ذات عزيمة لا تلين مواجهة الإرهاب وأنها تتحمل فقدان الزوج أو الابن بل وتدفع بأبنائها لاتخاذ نفس طريق الشهيد. أما الفنانة هالة فاخر فقد التقت بأربع من أمهات شهداء الشرطة ضباطاً وجنوداً في برنامجها "انتبهو أيها السادة" علي قناة "الحياة" وهم "محمد فاروق نصر الدين محمد عبدالعزيز ضياء فتحي ورياض محمد رياض" وقد كانت لقاءات مؤثرة أعادت هالة لهن مشاعر الحزن ولوعة فراق فلذات أكبادهن وسالت دموعهن. وهن جميعا برغم الاحزان كن فرحات بالمكانة التي حققها أبناؤهن الشهداء في الاخرة لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون. وفي ظل هذه الروح العالية التي تترجم حب الشعب للوطن واقدام ابنائه علي مواجهة المخططات الاجرامية العالمية والداخلية بالروح والدم. ليت كل ابناء مصر يتخذون من هذه النماذج المشرفة للمرأة المصرية ومن تضحياتهن قوة دافعة لكل منهم لاتخاذ طريق العمل سبيلا لحماية مصر من الانهيار اقتصاديا ونستطيع الوصول بها إلي بر الأمان.