إذا غابت القدوة الحسنة انتشرت الفوضي.. وإذا أخذ القانون إجازة ولا يطبق علي ناس بعينها في حين يكون حاضراً ومغلظاً علي آخرين.. فقل علي الدنيا السلام.. وإذا أخطأ الكبار فلا تلوموا الصغار علي أخطائهم لأنهم إما مقلِّدين وإما لم يجدوا من يحاسبهم علي أخطائهم وإما أنهم يشعرون بغياب العدالة.. وإذا كان الأمر متعلقاً بالحكومة وتصرفات أفرادها أو من ينتمون إلي جهاتها فالأمر أشد خطورة.. فهناك الكثير من السلبيات والخطايا التي ترتكب يومياً باسم الحكومة ممثلة في أجهزتها المختلفة قد ينظر إليها البعض علي أنها صغائر.. أو قد يرتكبها شخص غير مسئول لكنها تنسب إلي الجهة التي ينتمي إليه هذا الشخص.. وتترك ردود أفعال سلبية لدي المجتمع وينتشر بسببها شعور بغياب العدل والمساواة!! علي سبيل المثال لا الحصر.. عندما تري سيارات الكسح التابعة لشركات مياه الشرب والصرف الصحي والوحدات المحلية تفرغ شحناتها من مياه الصرف الملوثة في المجاري المائية والترع بل وفي نهر النيل عيني عينك وهي مصدر لمحطات مياه الشرب التي تصل كل بيت إلي جانب ري المحاصيل الزراعية التي نأكلها أيضاً.. فكيف بالله عليك تستطيع تلك الجهات نفسها أن تحاسب المواطن الذي يفعل نفس الشيء؟! وإذا كانت سيارة الشرطة تسير عكس اتجاه الشارع أو تقف في الممنوع أو تتخطي الإشارة أو تسير بسرعة زائدة دون ضرورة أمنية تتطلب ذلك وأحياناً كثيرة يستقلها ضباط وليسوا فقط أفراداً.. فكيف يحاسب ضابط المرور نفسه مواطناً أخطأ أو ارتكب تلك المخالفات؟؟ وإذا حاسبه.. فماذا تنتظر من المواطن وهو يري أمام عينيه أن هناك خياراً وفقوساً في المعاملة؟! ليس مقبولاً كذلك أن تطالبنا الحكومة بالتقشف وهي أول من يمارس البذخ بشكل مستفز في إداراتها وهيئاتها وبين أفرادها.. وعلي الأجهزة الرقابية أن ترصد مواكب الوزراء والمحافظين وأسطول السيارات الذي يخص كلاً منهم وما ينفق علي المكاتب من تجديدات وتقدم تقاريرها لرئيس الحكومة لمحاسبة هؤلاء. الأمثلة كثيرة وعديدة يعج بها مجتمعنا.. ويعاني منها كثيرون من المواطنين.. ربما تكون تصرفات مسئولاً عنها أفراد وسلوك أشخاص.. لكنهم في النهاية ينتمون إلي جهاتهم ويرتكبون جرائمهم في المجتمع باسمها.. فعندما يجد الشاب المتفوق علمياً والحاصل علي تقدير ممتاز أو جيد جداً واجتاز الاختبارات بنجاح أنه استبعد من القبول بالهيئات القضائية أو من التعيين في مسابقة معيدين بالجامعات أو في وظائف بالبنوك أو الهيئات والشركات والمؤسسات.. في حين نال الوظيفة من هو أقل منه علماً وتقديراً ودرجات لأن والده مستشار أو أستاذ جامعي أو ابن أو حتي قريب أحد من ذوي الحيثية العاملين بتلك الجهات!! بالله عليكم أليس هذا ظلماً بيننا وفساداً لابد أن تتم محاربته؟! هنا نقول لابد من عودة القدوة الحسنة.. وعلي الحكومة أن تبدأ بنفسها أولاً وتحاسب من يخطيء داخلها وينتسب إليها مهما كان خطؤه لأنها من تملك حق المحاسبة.. وأن يطبق القانون بحزم علي الجميع دون محاباة أو تواطؤ أو مجاملة لأحد.. وأن تكون هناك شفافية معلنة للجميع في كل شيء. قد يري البعض أن هذا حلماً بعيد المنال.. نستيقظ منه علي الحقيقة المؤلمة والصعبة والواقع المرير الذي نعيشه.. لكن علي الجانب الآخر لا شك أن هناك متفائلين لن يفقدوا الأمل في غد أكثر إشراقاً وعدلاً وإنصافاً.. علينا أن نبدأ بأنفسنا ونطبق ما ننادي به.. وأن نتمسك بحقوقنا ونطالب الحكومة بتنفيذ مسئولياتها تجاه المجتمع.. فما ضاع حق مشروع وراءه مطالب مثابر.