كثيرا ما نسمع عن مهنة قلم المحضرين أو وظيفة المحضر. لكن لا نعلم عن أسرارها أو خباياها شيئا سوي القليل منها. فهذه المهنة الشاقة يعمل بها الكثير من العاملين. ولا ينظر ولا يهتم ولا يتحدث عنها أحد. حتي أصبح العاملون بها في نظر غيرهم محل شك واتهام. ودائما هم المسئولون عن العوار الذي أصاب منظومة العمل القضائي. فضلا عن انها الركيزة الأساسية وركن أساسي لا يستقيم العمل القضائي بدونها. تناولت "الجمهورية" المهنة مع أحد العاملين في محكمة أسوان الابتدائية. ليطلعنا علي أهم وأبرز المشاكل أو العوائق التي تواجهها. للوصول الي الحلول الفعلية لخدمتها ولخدمة أبنائها من العاملين بها. يقول عز الدين سعد نايل عضو النقابة العامة للعاملين بنيابات ومحاكم مصر. كبير محضري محكمة أسوان الابتدائية. ان هذه المهنة شأنها شأن كافة الوظائف بجميع المحاكم علي مستوي الجمهورية. بل انها تعاني الكثير من المشاكل المستعصية والتي يعلمها القاصي والداني. فمنها المتعلق بالأفراد ومنها المتعلق بالقرارات والمنشورات وأساليب العمل. حتي أصبحت من وجهة نظر الآخرين المتسبب الوحيد في خلل المنظومة القضائية. فيجب اعادة هيكلة نظام العمل وأساليبه بما يتواءم مع ما نبتغيه من حسن سير العمل للحفاظ علي مصالح الدولة ومصالح المواطنين والمتقاضين الذين يتعاملون معها. تجنبا لاهدار الجهد والأموال العامة التي تقدر بالملايين. نتيجة لممارستنا لتلك الأساليب القديمة المتبعة بذلك القلم. ويضيف ان من أهم العوائق "تحديد ساعات عمل للمحضر". حيث ان عمله يتميز بطبيعة خاصة تختلف عن غيره من العاملين بالمصالح والهيئات الحكومية. فهي تستلزم الانتقال بصفة مستمرة لاجراء الاعلانات والتنفيذ في كافة الأنحاء من قري ونجوع. وفقا لنص المادة 62 من القانون 47 لسنة 78 والمعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1938 والذي ينص علي "تحدد السلطة المختصة أيام العمل في الأسبوع ومواقيته وفقا لمقتضيات المصلحة العامة" ووفقا لقرار وزير الدولة للتنمية الادارية رقم 1 لسنة 2006 بناء علي موافقة مجلس الوزراء بتاريخ 4/1/2006 والذي ينص علي "أن تكون أيام العمل الاسبوعية في الوزارات والمصالح الحكومية والهيئة العامة ووحدات الادارة المحلية خمسة أيام في الأسبوع مع الالتزام بأن يكون عدد ساعات العمل خلال الأسبوع الواحد "35" ساعة فعلية مقسمة علي أيام العمل. وأن يكون للسلطة المختصة في جميع الأحوال بموجب قرار منها تحديد مواعيد العمل الرسمية بحيث تتضمن توقيتات الحضور والانصراف في كل جهة ووفقا لطبيعة العمل بها وبما يغطي ساعات العمل المقررة اسبوعيا". فالمحضر يتسلم يوميا متوسط 40 ورقة لتنفيذها علي حسب المكان والمساحة واستقلاله لمختلف وسائل الموصلات في متوسط ساعة أو ساعة ونصف علي أقل تقدير. فكيف يمكن ان ينفذ ذلك في حين ان ساعات العمل الرسمية هي سبع ساعات في اليوم الواحد. بالاضافةالي انه في بعض الأحيان قد يستمر عمله حتي الساعة الثامنة مساء. فما هو مصير تلك الساعات الزائدة؟ وهل يطبق بشأنه نصوص القانون رقم 47 لسنة 78 وخاصة المادة 46 منه والتي تنص علي انه "يستحق شاغل الوظيفة مقابلا عن الجهود غير العادية والأعمال الاضافية والتي يكلف بها من الجهة المختصة.. طبقا للنظام الذي تضعه السلطة المختصة". أم لا؟ فكل هذا يؤثر بالفعل عليهم ماديا أو معنويا. بالاضافة الي محاولة الكثير منهم بطلبات لنقلهم الي أقلام أخري لتعرضهم للتحقيق والجزاءات. نتيجة لعدم كفاية الوقت وتحديده. فمن ضمن المقترحات المقدمة لذلك صدور قرار يحدد ساعات عمل المحضر اليومية والاسبوعية طبقا لقرار وزير التنمية الادارية "1" لسنة 2006 بناء علي قرار مجلس الوزراء والذي الزم كافة الجهات بتحديد ساعات العمل بأن تكون 35 ساعة وهو ما يعادل سبع ساعات يوميا ومن بعد الساعة الثانية مساء حتي الساعة الثامنة مساء. يعامل المحضر باحتساب تلك الفترة كعمل اضافي تحفيزا له نظرا لجهده المبذول. أو تطبيق المادة 49 من القانون 47 لسنة 1978 والتي تنص علي "للسلطة المختصة وضع نظام للعمل بالقطعة أو بالانتاج في الجهات التي يسمح نظامها بذلك بحيث يتضمن هذا النظام معدلات الأداء الواجب تحقيقها بالنسبة للعامل أو مجموعة العاملين وحساب الزيادة في الأجر عند زيادة الانتاج عن المعدلات المقررة". أما العائق الآخر فهو "كمية العمل اليومي" فنلاحظ عدم وجود أي قرارات أو كتب دورية تنظم كمية العمل اليومية للمحضر باستثناء الكتاب الدوري الصادر في عام 1951. وهو كتاب ادارة المحاكم رقم 74 45/8 "447" في ديسمبر 1951" والذي حدد زمن الاعلان الأول في كل بلد 20 دقيقة و10 دقائق لكل اعلان يليه في نفس البلد لكون أن ميزانية الدولة لا تتسع للنظر في تعديل تلك القواعد نظرا لما سيترتب علي هذا التعديل من زيادة في باب المصروفات بانشاء درجات لموظفين الأوراق". فقد كان ذلك في عام 1951 قبل اتساع نطاق المدن والمراكز والقري. حيث كان أعداد المحضرين تفي بمتطلبات أعمال المتقاضين وبالتالي فالمأمورية التي يكلف بها المحضر أقل تقدير 50كم مما يستحيل معه تطبيق الكتاب الدوري سالف الذكر. لذلك يلجأ المحضر للاعلان مع جهة الادارة دون الانتقال الفعلي. لسببين أولهما محاولة انهاء وتنفيذ كمية الأوراق المكلف بها بأي وسيلة وبعد مراعاة الدقة المطلوبة حتي يتمكن من الانتهاء منها. والثاني الخوف من أن يتعرض للمساءلة القانونية في حالة تأخير تنفيذ الأعمال المكلف بها وهو ما يفسر كثرة الجزاءات التي توقع علي المحضرين دون ذنب. فمن الممكن أن يتم تعديل الكتاب الدوري رقم 74 45/8 "447" في ديسمبر 1951 أو أن يتم به تحديد احتساب زمن الاعلان أو بتنفيذ الورقة المكلف بها مع مراعاة المكان والزمان لكل منطقة علي حدة في ظل عدم وجود وسيلة انتقال تابعة لجهة العمل أو تحت تصرفه مع الأخذ في الاعتبار المناطق العشوائية والنائية والبعيدة والتي ليس لها وسيلة مواصلات مباشرة. بالاضافة الي أن المحضر يجب أن يكون متواجدا يوميا من الساعة التاسعة والنصف صباحا لانهاء الأعمال الادارية والمختلفة. أما بخصوص عائق "مصاريف الانتقال الخاصة بالمحضرين". فالمحضر ينتقل في اليوم الواحد لأكثر من خمس أو ست مناطق تشمل القري والنجوع. وان أقل تعريفة لوسيلة المواصلات حاليا هي 50 قرشا لأقل مسافة من مقر العمل. وبالتالي يتكلف المحضر أموالا من ماله الشخصي نتيجة استقلاله وسائل مواصلات مختلفة. وان قرار وزير العدل الصادر في 25/5/1957 والذي حدد مبالغ تصرف للمحضر للاعلان أو التنفيذ بعمله تم الغاؤها وهي المليم وذلك علي النحو التالي "5 مليم 10 مليم" وحدد سقفا لا يتجاوز 280 مليما. بل ان المحضرين مازالوا يتعاملون بقرارات تم الغاؤها منذ زمن وهو ما يعرف "بأجور الركائب". فالمحضر يتكلف يوميا متوسط 10 جنيهات لاستقلال وسائل المواصلات. فمن الممكن أن تطبق ما نصت عليه لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال للعاملين بالحكومة والقطاع العام. ولاسيما نص المادة "1" من اللائحة والخاصة ببدل السفر وتطبيق نص المادة "19" من اللائحة والتي تنص علي "ان مصروفات الانتقال هي ما يصرف للموظف نظير ما يتكلفه فعلا من نفقات بسبب أداء الوظيفة من أجور سفر أو انتقال أو أمتعة وحملها. مع وضع ضوابط حاكمة يتم التعامل معها وتحديد المكان الذي سيتم الانتقال اليه من واقع الأوراق والاعلانات والاستعانة بالتعريفة الصادرة من المحافظة أو الادارة المحلية لتحديد ما يستحقه المحضر فعليا نتيجة استقلال وسائل المواصلات". وتطبيق نص المادة "35" من لائحة بدل السفر والخاصة بجواز اقتراح تقرير الراتب ثابت لمقابلة مصروفات الانتقال الفعلية لاغراض مصلحية ولا يمنح هذا الراتب الا للموظفين الذين يشغلون وظائف يستعدي القيام بأعمالها المصلحية استعمال احدي وسائل النقل استعمالا متواصلا ومتكررا". بالاضافة الي الراحة الاسبوعية للمحضرين ومعاوني التنفيذ بشئون الأسرة. حيث انهم يضطرون للعمل طوال أيام الاسبوع لانهاء الأوراق القضائية المكلفين بها حتي في أيام العطلات الرسمية لتنفيذ أحكام الرؤيا.