ثلاث مرات في تاريخ مصر قررت الدولة أن يتولي مسئولية المشكلة السكانية وزير مستقل أو رئيس جهاز منفصل.. وكل من تولي الوزارة أبلي بلاء حسنا وبذل جهداً عظيماً إلا أن النتائج جاءت كما لا تشتهي السفن حتي أن الاسطورة الإغريقية قد فرضت نفسها علي تلك التي تصور الحياة علي أنها مجهود عبثي يبذله "سيزف" لدفع الصخرة علي قمة الجبل.. وتسقط ويدفعها مرة اخري. ونقطة التوازن في الدول الأوروبية صانعة العلم والتكنولوجيا أن التركيب السكاني للدول صانعة العلم استطاعت بالعمل والانتاج تغيير أسلوب الحياة. مما أدي إلي نقطة توازن سكاني تقاربت مع انخفاض معدلات الوفيات. أما لدينا فقد وضح أن لتحقيق وضبط الانجاب مهم وأن التنمية هي المخرج الاساسي للمشكلة السكانية.. ولكن للأسف لم تتحول هذه الحقيقة إلي أسلوب عمل أو خطة تنفيذية واضحة المعالم وليست استراتيجية علي الورق فقط لا يتم تطبيقها. ولم تشغل صانعي القرار إلي الآبد فلم اسمع أو أشاهد مسئولاً أو وزيراً يربط اختصاصه بالمشكلة السكانية.. كل الذي يتحدث بعض الخبراء والمتخصصون في المشكلة السكانية وهم لم يتغيروا منذ عشرات السنين إلا أنهم قل عددهم.. بعد أن اختطف الموت بعضهم.. ابدأوا بالعمل في الخدمة المجتمعية وليبدأ الاتحاد النوعي للجمعيات الأهلية بالعمل بالتنمية البشرية.. وحل مشاكلهم من انتداب اطباء للجمعيات ومن عليه مراقبتهم جمعية تنظيم الأسرة أم وزارة الصحة ودخلنا في دائرة مغلقة من المسئول؟ وكانت النتيجة أن عدداً كبيراً من جمعيات تنظيم الأسرة أفلست وأغلقت أبوابها. ومؤتمر القاهرة للسكان والتنمية 1994 أكد أن انحراف معدلات الانجاب إلي الأعلي بصورة حادة ناتج عند تدني مستويات التنمية البشرية المتكاملة وانحراف المفاهيم والسياسات التنفيذية وللأسف كان أكبر انجاز تحقق في خفض معدلات الانجاب في تاريخ مصر هو حشد مليون رجل علي خط النار لسبع سنوات عجافاً من تعداد السكان الذي وصلنا فيه إلي 40 مليوناً. أما الآن فقد أعلن رئيس جهاز التعبئة العامة والاحصاء منذ أسبوع اننا وصلنا إلي 90 مليون نسمة وهذا غير المقيمين في الخارج.. ولم ينس أن يقول كعادته انها كارثة أو انها ظاهرة خطيرة علي الأمن القومي.