نحن الآن في سجن وادي النطرون.. وبالتحديد في "الليمان" رقم ..440 المناسبة "وفد إعلامي" يزور الليمان ليجري معاينة علي الطبيعة لما قامت به وزارة الداخلية برعاية من اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية بتجهيز بعض العنابر للمسجونين من ذوي الاحتياجات الخاصة وتركيب أطراف صناعية لهم. "الجمهورية" كانت ضمن الوفد الإعلامي الذي زار "الليمان" وإلتقي بعدد من النزلاء من ذوي الاحتياجات الخاصة.. رصدت "الجمهورية" حكايات من التقت بهم وتحدثوا إليها عن الجرائم التي دخلوا "الزنزانة" بسببها.. كيف تمر عليهم السنون.. ما هي آمالهم التي يتطلعون إليها.. كيف ينظرون إلي ما تقدمه إدارة السجن لهم؟ تحدث إلينا أيضا عدد من مسئولي السجن وأطبائه عن كيف يعاملون هؤلاء من ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم. وراء كل وجه من الوجوه التي شاهدناها داخل "الليمان" حكاية.. بل يمكن القول ألف حكاية.. نسرد لكم في السطور التالية تفاصيل هذه الزيارة والتي تابعها اللواء أبوبكر عبدالكريم مساعد وزير الداخلية للإعلام والعلاقات وحقوق الإنسان.. وصاحب فيها الوفد الإعلامي عدد من ضباط السجون والإدارة العامة للإعلام والعلاقات من بينهم اللواء طارق بدر وكيل إدارة سجون وجه بحري والعميد علاء فاروق مأمور "الليمان 440" والعميد أيمن حلمي مدير الإعلام بالإدارة العامة للإعلام والعلاقات والعميدان محمد عليوة وهاني السيد بإدارة الإعلام بقطاع السجون. الساعة العاشرة صباحاً.. نقف الآن علي بوابة السجن الرئيسية.. دخلنا.. لا يمكن لأي عين أن تغفل إجراءات التأمين الشديدة للسجن.. توجهنا إلي "الليمان 440".. التابع للسجن يقع علي مساحة خمسة عشر فدانا ويضم خمسة آلاف "نزيل". ذهبنا مباشرة إلي هناك حيث يرقد ثلاثة عشر نزيلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة.. تم تركيب أطراف صناعية لهم من بين مائة سجين في مختلف السجون من الذين تم تركيب أطراف صناعية لهم. أول من التقينا كان السجين مجدي إبراهيم يقضي عقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات لاتهامه في قضية مخدرات أمضي منها ست سنوات. مجدي مصاب بشلل أطفال منذ الصغر.. سألناه عن جريمته وعن "يومياته" داخل الليمان فأجاب : عندي خمسة وأربعين سنة.. لا أعمل.. عندي أربعة أولاد سلمي.. وإبراهيم.. وأحمد.. ومحمد.. نفسي أروح لعيالي موش لاقيين ياكلوا.. أنا ندمان. كان النزيل الثاني وليد السيد يبلغ من العمر تسعة وثلاثين عاماً بائع متجول قبل أن أسأل وليد باغتني هو بسؤال الدنيا بره عاملة إيه؟!.. ابتسمت وأجبته "زي الفل".. وأخذ يسرد حكايته: صدر ضدي حكم بالحبس ستة شهور في قضية سرقة وحكم آخر ب 3 سنين في قضية "برشام". أشار وليد إلي ذراعه الأيمن وقال.. تم بتر ذراعي في "خناقة" ودخلت السجن وأنا خارج في "مارس اللي جاي" عندي أربعة أولاد.. بنتين... وولدين.. "ناوي التوبة" والحمد لله علي كده.. أكتر حاجة اتعلمتها في السجن هي "الصبر". حسني سيد نزيل ثالث التقينا به داخل "الليمان" يبلغ من العمر أربعين عاماً "صاحب كشك سجائر" مصاب بشلل أطفال لديه ثلاثة أطفال يقضي حكماً بالسجن ثلاث سنوات في قضية سرقة بالإكراه. يقول حسني: قضيت 33 شهراً اتعلمت في السجن الصبر والصلاة والصوم.. والإيمان. يضيف النزيل الرابع الذي التقينا به صبحي حسن والذي يبلغ من العمر اثنين وخمسين عاماً وهو موظف بإحدي الشركات الكبري وهو مصاب "ببتر في الكوع". يضيف صبحي: صدر ضدي حكم في قضية مخدرات بالسجن خمس سنوات.. أنا برئ منها وتم تلفيقها لي أمضيت عشرين شهراً وهنا أجد رعاية شاملة. يقول صبحي أيضاً: للأسف أسرتي اتشردت بالإضافة إلي إني "اترفدت" من الشغل.. الحمد لله.. أكثر حاجة اتعلمتها في السجن الصبر والإيمان بالله والاعتماد علي النفس. ممدوح فاروق النزيل الخامس الذي التقيناه يبلغ من العمر اثنين وأربعين عاماً وهو الوحيد بين زملائه المتهم في قضية قتل.. صادر ضده حكم بالمؤبد لاتهامه بقتل أحد جيرانه.. قال إنني لم أقتلها أنا مصاب بشلل أطفال. يضيف كنت أعمل موظفاً بأحد المحاكم وأمضيت من المؤبد سبع سنوات فقط. محمد فاروق النزيل السادس يقول الرعاية التي نتلقاها فوق الوصف. بعد أن قابلنا هؤلاء النزلاء في مستشفي الليمان ذهبنا إلي لجنة الامتحان.. غرفة داخل الليمان وجدنا فيها مراقبان جاءا لمراقبة أحد السجناء وهو طالب في "دبلوم الزراعة" وكانت المادة التي يمتحنها هي اللغة الانجليزية. سألنا الطالب السجين والذي يتبع امتحانه لجنة مدرسة السادات الثانوية الزراعية ويدعي مصطفي صلاح فأخذ يجيب: عمري 23 سنة محكوم علي بالسجن 3 سنوات قضيت منها 5 أشهر امتحنت كل المواد العملي والنظري. ويحكي مصطفي عن ليلة الامتحان داخل الزنزانة فيقول أنا باذاكر عادي وإذا طلبت حاجة يتم توفيرها لي. تحدث معنا المقدم طبيب محمد عادل تحدث عن الرعاية الصحية التي تقدمها إدارة السجن للنزلاء فقال إنه بمجرد وصول السجين إلي هذا الليمان يتم إجراء فحوصات طبية شاملة عليه فإذا تم اكتشاف أنه مصاب بأمراض معينة يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة وإمداده بالأدوية أو عزله عن السجناء الآخرين مثلما هي حال إذا كان السجين مصاباً بالإيدز مثلاً 12 سجيناً في سجون الوجه البحري مصاب بالإيدز وهم معزولون طبياً عن زملائهم. يضيف المقدم طبيب محمد عادل إن التحاليل التي تجريها إدارة السجن للنزيل تشمل تحاليل الدرن.. والسكر.. والضغط.. وتحاليل الفيروسات. في صيدلية "الليمان" وجدنا كميات من الأدوية داخل الصيدلية ومكتوب عليها أنواعها وجدنا لافتات بوجود أدوية للقلب والضغط.. والجهاز الهضمي.. والحموضة.. والكبد.. والجلدية.. والصدرية.. والمسالك البولية.. وقطرة أذن.. وقطرة عين.. أدوية الأمراض النفسية. كانت وزارة الداخلية قد أعلنت الأربعاء الماضي عن قيام قطاع مصلحة السجون بتوفير أطراف صناعية لذوي الاحتياجات الخاصة من نزلاء السجون وتخصيص عنابر ملائمة لإعاشتهم سبق تجهيزها بشكل مناسب يتلاءم مع حالتهم الصحية. قالت الوزارة في بيانها إن هذه الإجراءات جاءت تنفيذاً لتوجيهات اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية وأشارت إلي أن هذه العنابر في منطقتي سجون وادي النطرون وبرج العرب وأنه جار إعداد عنبر آخر بمنطقة سجون الوجه القبلي وأن عدد النزلاء من ذوي الاحتياجات الخاصة المستفيدين بلغ مائة نزيل تم تركيب أطراف صناعية وأجهزة تعويضية لهم.