في نهاية شهر مارس من كل عام تمر ذكري وفاة الفنان عبدالحليم حافظ الذي رحل عنا في فجر الأربعاء 30 مارس عام 1977 قبل ان يكمل عامة الثامن والأربعين وبرغم مرور السنين. فإننا مازلنا نتذكره ونستعيد مشوار حياته. لأن الفنان لا يموت بل تبقي أعماله تخلده وتكون مسيرة حياته مثلا يحتذي للنجاح. كما يظل بيننا بما تركه من محبة في قلوب الملايين. وقد كان حليم شاهداً علي أحداث وطنية عديدة مرت علي مصر منذ قيام ثورة يوليو 1952 خلدها في أغنيات جمع بها الشعب علي حب مصر وأرخ بها لتلك الفترات التاريخية. ولأن اليوم هو الجمعة الأولي من شهر ابريل وفيها نحتفل بيوم اليتيم فإننا نتذكر ان العندليب الأسمر كان أيضاً يتيما بعد ان فقد والدته في يوم ولادته ثم وفاة والده وهو لم يكمل عامه الأول. ولكنه وجد الملاذ من الحرمان العاطفي الأبوي في الموسيقي بين جدران الملجأ الذي عاش فيه لفترة في طفولته فأصقلت النغمات موهبته وحبه للغناء مع الأطفال الأيتام أمثاله. ولقد استطاع حليم ان يتغلب علي مشاعر فقدانه لوالديه ويرتفع فوق آلامه ويصل إلي قمة الشهرة ويتربع في قلوب ملايين المصريين وأبناء الدول العربية. كما كانت أغنياته العاطفية بمثابة الشعاع الذي يغزو القلوب فيربطها بمشاعر رومانسية فيحمل كل عاشق في وجدانه ذكري جميلة لإحدي هذه الأغنيات خاصة التي كان يسمعها حينما دق قلبه والتقي بحبيبته لأول مرة. وفي الاحتفال بذكري حليم يوم الاثنين الماضي حرصت الإذاعة علي رواية سيرة حياته الفنية والإنسانية علي موجات إذاعات "البرنامج العام. الشباب والرياضة. الشرق الأوسط. إذاعة الأغاني وصوت العرب" فقدمت كل إذاعة برامج وفترات مفتوحة عن أعماله والتقت مع بعض الفنانين الذين شاركوه بطولة أفلامه السينمائية مثل لبني عبدالعزيز وزبيدة ثروت ونجوي فؤاد وأحمد فرحات في إذاعة الشرق الأوسط. أما في صوت العرب فقد قدم المذيع يحيي حسن مع الناقد الموسيقي الدكتور أشرف عبدالرحمن سهرة لمدة ساعتين عن أثر عبدالحليم في الشعوب العربية ومحبتهم له والصداقة التي جمعته مع بعض الملوك والرؤساء. وقد طافا مقدما السهرة في بعض البلاد العربية ومصر من خلال الإتصالات الهاتفية مع بعض المسئولين عن الفن والثقافة في تلك الدول. وقدما لنا فيها أغنيات جديدة لم نسمعها له من قبل مثل أغنياته للحسن ملك المغرب في أعياد ميلاده. كما كان الفنان السوري دريد لحام من أبرز الشخصيات التي تحدثت عن عبدالحليم ولقائه به في دمشق أثناء إحيائه حفل غنائي. وإصرار دريد علي دعوته مع بعض الشخصيات السورية لحفل عشاء في منزله وتصميم عبدالحليم علي الغناء للضيوف قبل تناولهم الطعام لأنهم لبوا الدعوة ليسمعوه وهو يغني.. إن حياة عبدالحليم حافظ وكفاحه في سبيل إثبات وجوده وتربعه علي قمة الساحة الغنائية حتي الآن هي أسطورة خالدة. ولاشك اننا في العام القادم سنسمع ذكريات جديدة لم نعرفها من مشوار حياته المتجدد برغم رحيله عنا منذ ثمانية وثلاثين عاما.