رغم أن القانون مازال اقتراحاً إلا أنه أثار كافة المواجع التي ترهق أئمة الأوقاف وتؤثر في عمل الدعوة وخلق مواجهات ومواقف متباينة بين المنادين باقتصار الدعوة علي خريجي الأزهر فقط. والآخرين الذين يرونها حقاً للجميع باعتبار أنها فرض ورسالة وجهاد قبل أن تكون وعظاً أو عملاً أو وظيفة. القانون الجديد يحاول وضع معايير جديدة وثابتة يلتزم بها الجميع. وتؤمن الدعاة في مراكزهم ومستقبلهم. خاصة بعد رفع أمن الدولة قبضته عن المساجد والدعاة. وانتهاز البعض فرصة الانفلات الأمني لصعود المنابر بالقوة وإزاحة بعض الدعاة المحسوبين علي النظام السابق. والذي ظل علي مدي 30 عاماً يختار الدعاة بطريق واحد فقط. وهو تقارير أمن الدولة والولاء الكامل للنظام. ولكن قانون نقابة الدعاة الذي يطالب بعدم صعود المنبر إلا لأعضاء النقابة فقط. أثار قضايا أخري برزت مؤخراً منها مجالس إدارات المساجد بعد القرار الأخير باختيارها بالانتخاب وإلزامها بدفع فواتير الكهرباء والمياه وعدم إرهاق ميزانية الحكومة بها. وتخصيص نسبة من موارد صناديق المساجد للأئمة. وغيرها من القضايا التي اختلف حولها رأي الدعاة. المشكلة يلخصها الدكتور محمد المهدي ورئيس الجمعية الشرعية في أن نقابة الدعاة تختلف عن أي نقابة أخري بمعني أننا لا يمكن أن ننقل شروط وصلاحيات القبول في النقابات الأخري لنجعلها شروطاً لكل راغب في الدعوة إلي الله. خاصة أن بعض خريجي الأزهر أيضاً قد لا يرغبون في الدعوة. وبالتالي لا يؤهلون أنفسهم لهذا المجال الخطير والمؤثر. أضاف: إنني أري أن الشروط التي وضعها القانون لقبول الدعاة تستبدل بأمن الدولة نقابة الدعاة.. لأن القانون يشترط علي أستاذ الجامعة الذي يريد أن يكون خطيباً أن يقدم عشرة بحوث دينية.. فمن سيحكم علي هذه البحوث. وعلي صلاحية صاحبها للدعوة؟! لجنة أزهرية طالب بتشكيل لجنة علي أعلي مستوي من الأزهر لدراسة هذه البحوث وإلغاء شرط خريجي الأزهر أو ما يعادله من القانون استناداً إلي أننا يمكن أن نجد دارسين مؤهلين وأصحاب فكر إسلامي معتدل ومن غير خريجي الأزهر. ولديهم الاستعداد النفسي والعلمي للدعوة. فكيف نحرمهم من ممارسة هذا الحق؟!.. وهو حق شرعي في الأساس. أكد د.المصري أننا لا نريد أن تكون نقابة الدعاة سلطة جديدة تحكم علي مستوي الدعاة العلمي والمهني. وتقضي بقبولهم أو عدم قبولهم بعيداً عن الأزهر.. لابد أن يخضع الجميع للجان علمية منصفة للقبول في هذا المجال الحيوي والمؤثر في الرأي العام. ولكن الشيخ محمد عبدالعزيز.. إمام مسجد السيدة عائشة له رأي مخالف. حيث يري أن الأزهر يجب أن يكون هو الأساس الأول في القبول بنقابة الدعاة حتي لا يلتحق بالدعوة. ويصعد المنابر أصحاب الدبلومات وغير المتخصصين. التخصص .. مطلوب تساءل الشيخ محمد عبدالعزيز: لماذا نرضي بالتخصص في كافة النقابات ونرفضه في نقابة الدعاة.. وكأن الدعوة فقط والمجال الديني لا يحتاج إلي رأي وتخصص؟!.. ذكر أن الفتاوي التي تسبب البلبلة وإثارة الرأي العام سببها في الأساس أن أصحابها غير دارسين. أو متخصصين.. ولا يمكن لكل من يقرأ كتاباً أو عدة كتب بعيداً عن المنهج العلمي الأزهري الأصيل. يصلح لأن يكون داعية.. لأن الأزهر نفسه به تخصصات في الحديث.. والتفسير.. والفقه. وأصول الدين.. وغيرها من التخصصات التي تخضع لدراسات واسعة ممنهجة لا يستطيع استنباطها ومعرفتها كل من قرأ بعيداً عن الأزهر. أضاف: لا أري أي معني لمعارضة هذا الشرط الذي يشترط العلم والتأهيل قبل التصدر للمنبر. والدعوة.. خاصة في ظل الانفلات الإعلامي والفضائي والذي يحتاج إلي دعاة يستطيعون الرد بموضوعية وحكمة علي كل ما يثار. قال: إنه يمكن ألا يطبق القانون بأثر رجعي بمعني أن الدعاة الحاليين من غير خريجي الأزهر والذين شهد لهم كبار المتخصصين في الحقل الدعوي بالعلم يتم قبولهم باعتبار أنهم أصحاب خبرة طويلة في هذا المجال. دعاة .. شرفيون غير أن الشيخ حسين حبيب.. إمام مسجد السلام بمدينة السادات يقول: المشكلة أثارها بعض السلفيين من غير خريجي الأزهر وهؤلاء إذا كان لابد من قبولهم فلا مانع بشرط أن يكونوا أعضاء شرفيين. بمعني ألا يكون لهم صوت في النقابة.. أضاف أن كل المساجد تابعة للأوقاف وتبلغ حوالي 100 ألف مسجد منها 54 ألفاً فقط. خطباؤها تابعون للأوقاف. والباقون يعملون بتراخيص ويحصلون علي مكافأة. أضاف أن الأزهر لم يغلق أبوابه أمام أحد ومن يريد أن يتعلم حتي ولو كان حاصلاً علي دبلوم فإنه يمكنه أن يدرس بمعهد القراءات. ثم يلتحق بجامعة الأزهر.. ولكن البعض لا يريد التعب والسهر في الدراسة والتخصص ويأخذ المنبر للوجاهة.. وإذا سألته عن شهادته يجيبك بأنه درس الإسلام في الجامعة الأمريكية أو الألمانية.. فهل هذا معقول؟! ذكر الشيخ حسين حبيب المشكلة الأخري أن القانون لا يتم تطبيقه بشكل سليم. فمثلاً لدينا في الأوقاف لجان تسمي لجان التوعية الدينية في كل محافظة لجنة. يرأسها المحافظ وأعضاؤها: وكيل وزارة الأوقاف. ومدير الدعوة. ومدير المنطقة الأزهرية.. هي التي تجيز خطباء المكافأة لسد العجز في أئمة الأوقاف. غير أنها للأسف تجيز أحياناً خطباء لا يصلحون لصعود المنبر. إضافة إلي ذلك فإن بعض القرارات التي تتصل بالدعوة اتصالاً مباشراً تصدر بالمخالفة للقانون ودون إعلان عنها مثل تشكيل لجان بعض أعضائها من خارج الوزارة لاختيار القيادات التي يرأس معظمها مجالات مهمة في الدعوة. وقرارات أخري أعتقد أنها ستسبب مشاكل كثيرة في المساجد.. مثل تشكيل مجالس إعمار المساجد والتي كانت تسمي قبل ذلك مجالس الإدارة.. فقد اشترط القرار الأخير أن تكون هذه المجالس بالانتخاب من أعضاء الجمعية العمومية واعتبر القرار أن رواد المسجد هم أعضاء بهذه الجمعية.. أي أنه يمكن لمن يرتاد أكثر من مسجد أن ينتخب في كل منها. وأعطي القرار فرصة حددها بمدة زمنية للطعن علي الفائزين في هذه الانتخابات ولا شك أن هذا سيؤجج صراعات لا تليق بالمساجد. وسيخلق مشاكل كنا في غني عنها بين إمام المسجد ومجلس الإدارة لأن النظام القديم كان يختار الإمام رئيساً للمجلس بالتعيين وعليه أن يختار معاونيه. ثم يحمله المسئولية.. أما الجديد فسيؤجج صراعات بين الاتجاهات الدينية المختلفة في المساجد.. كما أن تخصيص نسبة من صناديق الصدقات للعاملين ومنهم الإمام يضر بسمعة الأئمة. ويؤدي أيضاً لامتناع البعض عن أداء هذه الصدقة التي تستخدم في إعمار المسجد في الأساس.. فإذا أضفنا إلي ذلك تحميل هذه الصناديق لفواتير الكهرباء والمياه بدلاً عن الحكومة لعرفنا المدي الذي يمكن أن تصل إليه هذه الصراعات. الانتخاب أفضل غير أن إمام مسجد السيدة نفيسة الشيخ محمد عبدالعزيز. يري غير ذلك بأن الانتخاب لا شك سيكون أفضل لأن رواد المساجد يعلمون جيداً قيمة ووزن الشخصيات التي سيتم اختيارها. وسيضعون الرجل المناسب في المكان المناسب بدلاً من النظام السابق والذي كان يعتمد علي أمن الدولة أولاً وأخيراً. دون مراعاة لأي اعتبارات أخري. أما بالنسبة لفاتورة المياه والكهرباء فإن ترك المساجد الآن لممارسة نشاطها بحرية بعيداً عن قبضة أمن الدولة يوجب مسئولية أخري تتمثل في ضرورة الترشيد في استخدام المياه والكهرباء. وهذا مطلب إسلامي قبل أن يكون اقتصادياً.. ولا شك أن القرار الجديد سيضع الجميع عند هذه المسئولية ويلزمه بالترشيد كما أن هذه الصناديق لا توجد في جميع المساجد وتختلف مواردها من مسجد لآخر.. وبصراحة هذا افتعال لمشاكل لا وجود لها في الأساس.. لا يمكن أن يقول أحد إن اختيار أمن الدولة أفضل من اختيار الشعب.. هذا كلام غير معقول. ** إمام الجامع الأزهر.. الشيخ زكريا مرزوق.. يؤكد أن الأزهر به آلاف المعاهد الدينية بالإضافة إلي جامعة الأزهر وفروعها في كافة المحافظات. ووظيفة كل هذه المعاهد هي تأهيل الدعاة دينياً وخلقياً وعلمياً للصعود إلي المنابر. فلماذا نختار من خارج الأزهر؟! أضاف: إنني أتحدث بحيادية ولا أقصد أحداً. أو اتجاهاً دينياً معيناً. ولكن في الأساس فإن دارس الأزهر يتعلم الوسطية ويدرس المذاهب الفقهية بآرائها المختلفة. وأعتقد أن هذا لا يوجد في غير الأزهر. أكبر المؤسسات الدينية في العالم.. ويأتيه الطلاب من جميع أنحاء العالم ليتعلموا أو يدرسوا فيه قبل أن يتسلموا منابر الدعوة في بلادهم.. فهل يفعل ذلك كل الدعاة في العالم ونرفضه في مصر.. أعتقد أن أهل الذكر لابد أن يكونوا مؤهلين وخير من يؤهلهم لذلك هو الأزهر. دكتور عبدالخالق الشريف رئيس قسم الدعوة بجماعة الإخوان قال إن الدعوة إلي الله حق للجميع ولابد أن نتذكر أن عباس العقاد صاحب المؤلفات الإسلامية المهمة لم يكن من خريجي الأزهر.