على الرغم من الجُرح النافذ الذي أصيبت به مصر في قلبها أمس، وهي تشاهد على الهواء مباشرة وقائع ذبح خيرة شبابها ومطاردتهم بالشوم وخنقهم بالكوفيات وإصابتهم بالرصاص الحي وإلقائهم من الأدوار العليا في إستاد بورسعيد، ليس في معركة حربية ولا على يد المحتل الصهيوني، وإنما في مباراة كرة قدم غرضها الأساسي الترفيه، وبأيدي مصريين، وتحت سمع وبصر رجال "الأمن"، كان الإعلام الرياضي في واد، وشعب مصر العظيم في واد آخر! فبينما كانت الحناجر تتفتت من البكاء والصراخ والعويل على أبنائنا، والعيون لم يعد لديها ما يكفي من دمع، كان "المذيع" أحمد شوبير -ربيب الحزب الوطني- في برنامجه "كورة مصر"، يستميت في الدفاع عن الشرطة، ويتهم الثورة بأنها السبب الرئيسي في كل ما حدث من انفلات وخراب، بل ويتهم الثوار بأنهم هم من أضعف الأمن وتسبب في هروبه من المواجهات!! لقد رأَى شوبير -كالعادة- أن الثورة لم تجرّ علينا إلا الخراب، وبالتالي فإن الشباب هو من يجب أن يلام لأنه تجرأ ذات يوم ورفع ذراعه مدافعا عن حياته في مواجهة المطاطي والخرطوش والرصاص الحي، لأن تصرفه هذا غير المسئول وقليل الأدب، تسبب في إيذاء نفسية الضباط المرهفة، وهو ما انعكس اليوم على أدائهم، وجعلهم "خائفين" من تأدية واجبهم!! الطريف أن هذه الاتهامات الصريحة للثورة والثوار، جاءت بعد وصلة بكاء وعويل مبتذلة في البداية من "المذيع" شوبير، حتى "يبدو" وكأنّه يهتم حقا بما يجرى، بل وتبعتها دعوة "حماسية" للاحتشاد اليوم في ميدان سفنكس، دون كلام، وإنما لرفع الأعلام تعبيرا عن الحزن على حال مصر!! هذا هو الحل العبقري الذي رأى شوبير أنه سينهي الاحتقان في القلوب ويُسرّي عن أسر المكلومين ويهدئ الشارع المصري، وليس محاسبة الأمن الذي قصّر، وكشف هوية المتواطئين، ومحاسبتهم أيا كانت رتبهم مواقعهم!! وظهر اهتمامه جليا وواضحا بمصر وبالشهداء عندما اتصل به شريف إكرامي على الهاتف في أثناء المذبحة، وقال له: "يا كابتن فيه ناس ماتت ناس ماتت"، فرد شوبير: "طب خليك معايا يا شريف، شيكابالا شكله هيجيب جون فى الإسماعيلى"!! وعندما اتصل به نائب بورسعيد البدري فرغلي، وربط بينه وبين رموز النظام السابق الموجودين في سجن طرة وبالتحديد علاء مبارك، انفعل شوبير وثار وأكد نيته إظهار الحقيقة كاملة، لأن الشرطة مظلومة في الوقت الحاضر، وجمهور الكرة لا يحترمها، ويرفض التفتيش عند دخول الملعب. وأكد شوبير أنه يرفض المزايدة علي مواقفه، ولا يخشى أحدا لأنه ملتزم بالمهنية الإعلامية!! لكن الأنكى من كل ذلك، أن حديث شوبير اتسم بالتحريض على أهالي بورسعيد، بشكل يمكن أن يؤدي -على أقل تقدير- لإشعال حرب أهلية، وسقوط المزيد من الشهداء! فهل حان الوقت "لتنظيف" الإعلام الرياضي الذي يؤثر على قطاع غير قليل من الشعب المصري، وتتحرك جهة قانونية وتقاضي "المذيع" شوبير، ومن هم على شاكلته، ليس على هذا الموقف المخزي وحده، وإنما على العديد من مواقفه السلبية والتحريضية التي لا تتلاءم لا مع شرف الإعلامي ولا شرف الإنسان من الأساس؟!!