عندما كنت مراهقة كنت أعتبر أنوثتي وقيودها عاراً عليّ، وكنت أشعر بالغيرة الشديدة من الأولاد لمجرد قدرتهم على السهر خارج المنزل والضحك بصوت عالٍ، أما أنا فأعود لبيتي في التاسعة لمجرد أنني أنثى. ولأن الأنوثة إحساس، فقد تغلب عليّ إحساس الأنثى بداخلي، وعرفت كيف أشعر بجمال ما يُطلقون عليه قيود الأنثى.. وأحببتها، فقيودي حققت لي ما لم أكن أحلم بأن يكون بي، حققت لي ضعفاً ساحراً أخاذاً، ضعف يعطيني قوة منبعها شعور رجُلي بأنني أحتاج إليه ولا أستطيع التصرف دونه - حتى لو هيأت له ذلك بذكاء الأنثى-، فأشعر بأنني أميرة بقصر عاجي، وشعرت بالشفقة على من ينادين بالمساواة مع الرجل، أنا لا أريد أن أصير رجلاً، أنا أريد أن أظل أنثى، فبداخلي قدرات لا يستطيع عليها أعتى الرجال. فعندما تساءلت بيني وبين نفسي يوماً - وهو سؤال يمر بخاطر جميع البنات - "لماذا الحجاب؟"، ردت أنوثتي عليّ فوراً قائلة: "أنتِ امرأة رجل واحد يا فتاة، ولا أحد يستحق جمالك سوى رجُلك، فلماذا تتركين جمالك تأكله عين هذا وذاك ممن لا يستحقون، ثم اجعلي فيكِ شيئا جديدا يتشوق زوج المستقبل ليراه". وحتى عندما طالبت بعض النساء بحقوقهن في المساواة، وقعن في بعض الأخطاء اليومية التي تجعل الطبيعة الإلهية تتغلب علينا، وهي أن أجمل ما تشعر به الأنثى هو ضعفها في وجود الرجل.. فتساءلت المسكينات "كيف لم يتخل هذا الرجل لي عن مقعده بالمواصلات في رحلة ذهابي لعملي... ألا يرى أنني أنثى؟" ، "لماذا لا يتحمل زوجي المسئولية ويضع كل الحمل على عاتقي... ألا يرى أنني أنثى؟". فهل تذكرتِ أخيراً أنكِ أنثى. كيف تخليتي أيتها الأنثى عن أكبر نقاط قوتك في رحلة بحث ساذجة عن القوة التي أوجدها الله بداخلك، فقوتك في ضعفك، في لينك، كيف تطلبين من رجلك أن يكون رجلاً إذا لم يكن يراك أنتِ أنثى. رقيقة، طيبة، حنونة، ضعيفة.. وذكية وتقدرين على ما لم يقدر عليه مئات الرجال، فرجلك طفلك أنتِ، يخرج من رحمكِ أنتِ، ولا يجد سكنه إلا فيكِ أنتِ، وأولادك لا يطمئنون إلا في حضنكِ أنتِ، ولا يهربون إلا إليكِ أنتِ، فكيف تضيعين كل هذه القوة في لحظة جنون هيأت لك أن صوتكِ العالي أو جدالكِ العنيف أو تظاهركِ بالقوة وامتلاك قدرات المرأة الخارقة والقدرة على التخلي عن رجلك هي ما يحقق لك ذاتكِ. قولي لي يا صغيرتي ماذا جنيتِ من عنادك مع رجلك، فيمكنك دائماً الوصول إلى ما تريدينه ولكن إذا تعاملت بلين، فمنذ متى حقق العناد مع الأطفال نتيجة! وإذا شعرت أيضاً يا عزيزتي الأنثى بالشفقة على نفسك لما تواجهينه من متاعب أنثوية، فاقرأي هذا المقال الرائع لمحمد المخزنجي "حين تبكي الأرحام":