ظاهرة عجيبة تلك التى تمثلها المرأة المصرية منذ ثورة يناير حتى الآن ، ومن قبلها فى انتخابات البرلمان التى وقفت فيها السيدات مواقف بطولية لا يقدر على معظمها رجال أشداء . بطولة ، تحد للظلم ، استمتاع بالبذل ، صبر على الابتلاء ، دفع للأبناء إلى مقدمة الصفوف ، إصرار على الاستمرار رغم الإرهاب اللاتى يتعرضن له ليل نهار .. تلك بعض قطع الفسيفساء التى إذا أردت أن ترصها بجوار بعضها تتشكل صورة للمرأة المصرية الرافضة للانقلاب والذل ، صورة تتكرر نسختها ملايين المرات فى كل ربوع مصر ، بل خارجها . ألم تعرف قصة المصرية المغتربة التى جاءت من فيينا لمدة شهر مع ابنتها لتشارك فى اعتصام رابعة العدوية لتنال شرف الجهاد ضد الظلم ؟ ألم تقرأ عن الفتيات والأمهات اللاتى كن يخرجن فى نهار رمضان للمشاركة فى المسيرات الرافضة للانقلاب ، ومنهن من تحمل ابنها على كتفها ؟ ألم تقرأ عن الأم التى وقفت أمام الدبابة فى ميدان النهضة مع بداية المجزرة لتحاول أن توقف زحف آليات جيش الانقلاب من دهس المعتصمين ؟ الم تر السيدة وهى تكتب اسمها على أكمام الملابس التى ترتديها حتى يتعرف الناس عليها عقب الاستشهاد ؟ ألم تسمع صرخات الطفل الذى ينادى على أمه الغارقة فى دمائها فى رابعة ويستصرخها أن ترد عليه ، ولكنها لم تتمكن من ذلك ؛ لأنها رحلت من عالم لا يقدر النساء ولا الرجال ؟ ألم تتعرف على بطولات حبيبة وأسماء وهالة ورفيقاتهن فى ميادين البطولة والصمود منذ الثالث من يوليو حتى اللحظة ؟ ثم ألا تطالع صمود زوجات وبنات المعتقلين الذين يشدون الرحال إلى ذويهم فى داخل المعتقلات للشد من أزرهم ، وإمدادهم بالملابس والمأكولات التى حرمهم منها الظلمة ؟ ألم تشاهد السكينة والاطمئنان على الوجوه الصافية لفتيات الإسكندرية اللاتى عرفهن العالم بهذا الاستبسال والتحدى ؟ تجدهن يتقدمن صفوف كل مسيرة يحملن صور الشهيدات ويهتفن للمطالبة بالقصاص للشهداء والحرية للمعتقلين، من تعتقل منهن تقف خلف القضبان مبتسمة رغم الألم الذى يشعر به المحيطون بها . ورغم الويلات التي تعانيها الحرائر خارج سجون الانقلاب وداخلها إلا أن سمة مشتركة وهي العزيمة والاصرار على مواصلة الطريق حتى إسقاط الانقلاب تميزهن . "الحرية والعدالة" التقت بعدد من المناضلات اللاتي أكدن استمرارهن في المشاركة ضد الانقلاب، في البداية أكدت س. ر "من طالبات جامعة الأزهر" أن اعتقال الفتيات وإصدار أحكام قضائية بحقهن لن يكون سبباً في تراجع الحركة الطلابية والشارع المصري للوراء خوفاً على بناته، بل على العكس سيزيد من دافع المشاركة والثأر والقصاص، مشيرة إلى أن أنه كان من الأولى أن يخشى الأهالى على بناتهن عقب أن رءوا الدماء خلال مجازر فض اعتصامي رابعة والنهضة ولكن على جاء الموقف مختلفاً حيث كانت إرادتهم أقوى وأكبر وطالبن أولادهم وبناتهم بالنزول والمشاركة ضد الظلم. أما ي. ج "من طالبات جامعة حلوان" فأكدت أن الفتيات أصبحن لا يخشين سوى الله، فلم يعد يرهبهن الموت أو الاعتقال وأصوات الرصاص لم تعد تؤثر فيهن، وقالت أن جثث الشهداء المتفحمة التي انتشرت عقب فض الاعتصامات أصبحت وقوداً يسير به الكثيرون نحو تحقيق الحرية. وقالت: رأينا قتل رفيقاتنا وحبس الآخريات فماذا يمكن أن يخيفنا بعد ذلك؟، فلن نرضى بغير الحرية والكرامة بديلاً بعدما دفعت أخواتنا الثمن لنواصل الطريق بعدهن لا أن نركن للذل مرة اخرى. وأبدت تعجبها من محاولة البعض إلقاء اللوم على حرائر اسكندرية، مشيرة إلى أنه لو عاد الزمن للوراء قليلاً لكانت شاركتهن فعالية 7 الصبح الى اعتقلن خلالها. أما ر. أ "ربة منزل" فأوضحت أنها تنزل بشكل يومي للمشاركة مع بناتها الثلاث وابنها طالب الثانوي في المسيرات الرافضة للإنقلاب سواء قبل الحكم على الفتيات أم بعده، مؤكدة أن المنطقة التي تشارك في مسيراتها دائماً ماتحدث بها اعتداءات على المتظاهرين ما يخلف اصابات بالجملة، ورغم ذلك لم تفكر يوماً في التراجع هي ولدها وبناتها الثلاث.