قال تبارك وتعالى في سورة النمل، الآيات من 50 - 53: (ومَكَرُوا مَكْرًا ومَكَرْنَا مَكْرًا وهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وكَانُوا يَتَّقُونَ) صدق الله العظيم. 1) عطاء القرآن لا يتوقف أبدا، ولا تنقضي عجائبه، ولأنه أُنزل منجما على وفق الأحداث والوقائع، فإن تدبره وفهمه يقود إلى المزيد من التثبيت للمؤمنين والخسران للظالمين (ولا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلا خَسَارًا). 2) تنكير المكر في الآية (51) يوضح تنوع مكر الظالمين، وكذلك مفاجأة الله لهم بمكر أعظم وأشد في مشاكلة واضحة، والله يستدرجهم من حيث لا يشعرون فيمكرون ويدبرون ويخططون، ولا يتصورون أن هناك إلها وربا يمكر بهم، ولأنهم نسوا الله فقد أنساهم أنفسهم فيظلون في مكرهم يعمهون ويتخبطون. 3) التأمل والتدبر في قصص السابقين يجعلها عبرة عظيمة في تلك الظروف؛ لأن تاريخ الأمم السابقة يبين ويوضح ذهاب أمم وحضارات واندثار شعوب ودول تبقى آثارهم حتى يومنا هذا، تدل عليهم وعلى مدى ما وصلوا إليه من تقدم وعمران، فإذا بنا اليوم نرى بيوتا خاوية نتيجة ظلمهم وطغيانهم، ولم يتبق منها إلا آثار وعمارة تشهد بظلمهم لكى تكون عبرة لكل من يزورها ويتأمل فيها. انظر كيف ذهبت حضارات وأمم ودول: اليونان، الرومان، الفرس، المغول، البريطانيين، الفرنسيين والهولنديين والبرتغاليين والإسبان، وها هو الاتحاد السوفيتي أمامنا، واليوم نرى بداية انهيار حضارة أخرى فضلت مصالحها ومصالح المرتبطين بها على القيم والمبادئ والمثل التي تنادي بها. الدمار يلحق بالمتآمرين والطغاة ومن سكت على الطغيان من قومهم، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، والآية تقول: (وقومهم أجمعين)، وهو ما حدث في الأمم السابقة. والله أعلم