يقول الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف، الآيتان (88، 89): (قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ. قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا ومَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وأَنتَ خَيْرُ الفَاتِحِينَ) صدق الله العظيم. 1- قصص الأنبياء فيها العبرة والعظة والتدريب للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، وكل قصة فيها جانب من العبرة والدروس المختلفة.. هنا في قصة سيدنا "شعيب" عليه السلام حوار مهم بين المتكبرين من الملأ في قوم شعيب وبينه ومن معه من المؤمنين حول مسألة (التعايش والحرية العقائدية). 2- هنا يصر المستكبرون على إخراج المؤمنين أو إقصائهم تماما عن الحياة المعتادة.. فيجبرونهم بين العودة في ملة الكفر والاستكبار مذعنين خاضعين للجبروت والقوة والمال، أو إخراجهم من القرية تماما فلا يبقون فيها يساكنونهم أو يعيشون معهم في أمن وسلام وتعايش، كل على موقفه الإيماني ومنهجه الذي آمن به. 3- يجيب المؤمنين (أولو كنا كارهين؟) باستنكار ودهشة، هل يمكن لأحد مهما كانت قوته أو جبروته أن يكره إنسان على الكفر والارتداد؟! لأن طبيعة الإيمان إذا خالطت بشاشة القلوب وتمكن من قلب المؤمن أن يجعل حياته أهون عليه من العودة إلى الكفر، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار" أو كما قال. 4- ثم يقدمون الحجة والإثبات على ضرورة بقائهم على الإيمان وعدم الرضوخ بمنطق المستكبرين من الملأ.. إنه افتراء الكذب على الله وعلى الناس أن ندعي أننا عدنا إلى ملة الكفر والطغيان بعد إذ نجانا الله منها بالإيمان واليقين، وخالطت بشاشة الإيمان قلوبنا، وأن الله وحده هو الذي يقلب القلوب كيف يشاء، ويثبت برحمته من يشاء وهو العليم بنا وبمدى صدقنا من كذبنا. ولذلك نتوكل عليه وحده ونطلب منه سبحانه وتعالى أن يتولى نصرنا، وأن يفتح بيننا وبينكم بقدرته التي لا يعجزها شيء، ومشيئته المطلقة التي لا يقف دونها أحد مهما كان جبروته واستكباره، ونحن نؤمن بالحق الذي جاءنا من الحق سبحانه، وهو خير الفاتحين يختار الوقت والطريق التي ينصرنا بها. والله أعلم.