تتلاحق التطورات على الساحة الدولية بوتيرة سريعة، فمع قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية سحب قواتها من سوريا، بالتزامن مع استعدادات تركيا شن عملية عسكرية موسعة ضد تنظيم بي كا كا الإرهابي؛ تتجه واشنطن نحو منح تركيا صفقة صواريخ “باتريوت” قيمتها “3,5” مليار دولار. في حين ردت روسيا بالقول إنّها ماضية ببيع أنقرة منظومة “إس-400″، رغم موافقة واشنطن على بيعها نظاماً منافسًا. وقال بيان صادر عن وكالة التعاون الأمني الدفاعي، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وفق ما أوردت “الأناضول”، إنّ وزارة الخارجية قررت الموافقة على بيع صواريخ “باتريوت” (PAC-3) والتجهيزات الخاصة بها إلى تركيا، بقيمة تقديرية تبلغ 3.5 مليارات دولار. وأضاف البيان أنّ الوكالة أبلغت الكونغرس، بأمر الصفقة. وأشار إلى أنّ الموافقة على الصفقة ستمنح الدفاع الجوي التركي “مرونة كبيرة”. وتابع “مع امتلاكها القدرة على ردع التهديدات الجوية والصاروخية والهجمات الأخرى، ستساهم تركيا الآمنة بتحقيق السلام والاستقرار في الناتو (حلف شمال الأطلسي) والقارة الأوروبية”. وفي يوليو الماضي، أعلنت الولاياتالمتحدة سعيها لإقناع تركيا بشراء نظام دفاع صاروخي أميركي من طراز باتريوت بدلا من منظومة صواريخ أس 400 الروسية التي قد تُشكّل -في حال اشترتها أنقرة- نقطة شائكة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وكانت الولاياتالمتحدة قد سحبت عددا من بطاريات صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ من الشرق الأوسط خلال أكتوبر الماضي. ويأتي ذلك، في ظل إعلان تركيا عن تنفيذ عملية عسكرية ضد مليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية، التي تتلقى دعماً أميركياً، في منطقة شرق الفرات شمال شرقي سورية. ونقلت صحيفة “حرييت” التركية عن مصدر لم تسمه، أنّ “كل الاستعدادات تجري بشكل جيد، وأن ما يؤخر العملية هو التنسيق مع الجانب الأميركي، الذي هو أمر ضروري للعملية العسكرية”. وقالت وكالة “الأناضول” التركية، إنّ وزارة الدفاع الأميركية خففت من لهجة تصريحاتها السابقة بخصوص العملية، ونقلت عن المتحدث باسم البنتاغون، روب مانينغ، قوله إنّ “الولاياتالمتحدةوتركيا، تنسقان معاً بشكل فعّال في كافة المواضيع التي من شأنها التأثير على أمن تركيا، والوضع في شمال شرقي سورية حيث توجد القوات الأميركية لإلحاق هزيمة دائمة بتنظيم داعش”، وفق الوكالة. روسيا: صفقة إس 400 جارية في المقابل، قال الكرملين، اليوم الأربعاء، إنّه سيمضي في صفقة لبيع أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة “إس-400” لتركيا، رغم موافقة وزارة الخارجية الأميركية على بيع نظام منافس لأنقرة. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، وفق ما أوردت “رويترز”، إنّه “يجب النظر إلى الصفقتين كصفقتين منفصلتين”، مؤكداً أنّ “موسكو تستكمل بالفعل بنود صفقة إمداد تركيا بمنظومة إس-400”. وأضاف أنّ “روسيا تثق في أنّ أنقرة لن تكشف أسرار نظام إس-400 لشركائها في حلف شمال الأطلسي”.
وفي أغسطس/آب الماضي، أعلن رئيس شركة “روس أوبورون إكسبورت” ألكسندر ميخييف، أنّ تنفيذ عقد توريد منظومات الدفاع الصاروخية “إس-400” إلى تركيا، سيبدأ العام المقبل 2019. عرقلة صفقة أس “400” ويرى إيغور كوروتتشينكو، مدير المركز الدولي لتحليل تجارة الأسلحة، أن الولاياتالمتحدة بموافقتها تسليم أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت إلى تركيا تحاول إبطال عقد روسياوتركيا بشأن منظومات “إس-400″، حتى لا تفقد الفرصة للتأثير عليها كعضو في الناتو. وقال الخبير: “هذه خطة منظمة لواشنطن: منع تنفيذ العقد الخاص بتوريد أنظمة الصواريخ الروسية “إس-400” إلى تركيا كدولة عضو في الناتو. وإلا فإنه سيكون ضربة قوية للقدرات الاستراتيجية للولايات المتحدة للتأثير على أعضاء الناتو. ويؤكد أن واشنطن إضافة إلى الموافقة على منح تركيا بطاريات باتريوت تفعل كل شيء للتأثير على رئيس تركيا رجب طيب أردوغان، لكي يلغي العقد مع روسيا حول الحصول على “إس-400” مستشهدا بتعهد واشنطن بتزويد تركيا بمجموعة كبيرة من المقاتلات من طراز F-35 ، كما أنها سربت معلومات حول استعدادها لتسليم فتح الله غولن، أسوأ عدو لأردوغان إلى تركيا مقابل فسخ عقد “إس-400″ مع روسيا”. ويحذر الخبير الروسي الحكومة التركية من الموافقة على صفقة الباتريوت زاعما أن الولاياتالمتحدة ستضع في باتريوت برنامج يسمح لها بتعطيل المنظومة في حالة حدوث نزاع مع تركيا. وأضاف كوروتتشينكو أنه إذا تدهورت العلاقات بين الولاياتالمتحدةوتركيا، فإنها من خلال إشارة لاسلكية تعطل نظام الدفاع الجوي التركي بالكامل وهذا بمثابة “حصان طروادة”، ولذلك يجب على أردوغان وجنرالاته أن يفهموا خطر شراء هذه المنظومات من الولاياتالمتحدة. وأتى هذا الخبر على خلفية التوتر الذي يشوب العلاقات التركية الأمريكية لجملة أسباب منها استياء واشنطن من نية تركيا لشراء منظومات صواريخ “إس-400” المضادة للطائرات والصواريخ من روسيا. في السياق، حذر تقرير لمعهد بروكينغز الأمريكي للبحوث والدراسات، الإدارة الأمريكية من التخلي عن الشراكة الاستراتيجية مع تركيا بسبب إصرارها على شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية المتطورة إس 400، مدعيا أن العلاقات بين موسكووأنقرة ستبقى أبعد ما تكون عن الشراكة الحقيقية.