عند ظهوره في مشهد انقلاب 3 يوليو 2013، وإعلانه الغدر بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، انبرى الكثيرون إلى تشبيه السفيه عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع وقتذاك، بالانقلابي جمال عبد الناصر، ولكن بعد سلسلة من الكوارث الاقتصادية والسياسية والأمنية والتنازل عن السيادة الوطنية، تبين أن جرائم عبد الناصر تتضاءل بجوار جرائم السفيه. وأكد مراقبون ونشطاء وسياسيون مصريون أن انقلاب 30 يونيو 2013 هو امتداد ل"انقلاب 23 يوليو 1952″، مشبهين ما قام به جمال عبد الناصر بانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي على الرئيس محمد مرسي، أكد ذلك عدد كبير من الحقوقيين والإعلاميين، ودخلت 23 يوليو تحت مقصلة علامات الاستفهام، وباتت محل خلاف هل هي "ثورة مجيدة" أم "انقلاب دموي"، هل ساهمت في "ازدهار البلاد وعودة الحق لأصحابه"، أم "أسست لحكم الفرد ونظام سلطوي". وقال الحقوقي إسلام لطفي: "الجيش في 1952 أجهض ثورة شعبية حقيقية كانت مصر حبلى بها، لصالح ثورة عسكرية أطاحت بنظام تابع كان أقل فسادا، وأكثر ديمقراطية، لصالح نظام تابع أيضا، ولكنه أكثر فسادا وبطشا وديكتاتورية". وعلق عضو جبهة الضمير عمرو عبد الهادي، قائلا: "بدأ انهيار مصر: بطالة، واسطة، محسوبية، توريث، عسكرة، انحدار، طوارئ". وغردت أماني فهيم: "نحن نعتذر يا جلالة الملك! صدقناهم لما قالوا إن 23 يوليو ثورة، عاش الشعب عزيزا في عهدك، وتبهدل من بعدك.. كان التأميم وسيلة لسرقة الأموال لصالح الضباط"، وقال محمد البطال: "من 63 سنة؛ نزلت الدبابات إلى الشارع ولم تعد إلى الآن.. اليوم يمر على مصر 63 عاما من الفقر والذل والديكتاتورية تحت حكم العسكر". أما بدر محمد فأكد أن هذا اليوم "ذكرى لعنة حلت بمصر العروبة والإسلام، بل بأمة الإسلام كلها.. إنها ذكرى انقلاب 23 يوليو، وآن الأوان ليتخلص شعب مصر الحر من عصابة العسكر للأبد". عودوا إلى ثكناتكم وتداول النشطاء مقتطفات من مذكرات الرئيس محمد نجيب، وشهادته على حركة الضباط الأحرار في كتابه "كنت رئيسا لمصر"، فقالت هاجر مصطفى: "لم يتوقف تدخل الضباط في الحياة المدنية عند مستوى القمة، وإنما امتد إلى مستويات أخرى، فسرق بعض الضباط معونات الشتاء، وسرقوا هدايا وبضائع قطارات الرحمة وباعوها علنا". وأضافت نقلا عن نجيب: "حاولت المستحيل لإعادة الضباط إلى ثكناتهم، وأصدرت قرارات مشددة بذلك، وتكلمت مع الضباط أثناء زياراتي لهم في الوحدات، والتي وصلت إلى 869 زيارة خلال العام الأول من الحركة، وأوضحت لهم خطورة تسربهم للحياة المدنية، لكن كل ذلك لم يأت بنتيجة". وقالت شيماء سمير: "محمد نجيب طالب الجيش بالعودة إلى ثكناته، فوضعوه تحت الإقامة الجبرية، ومنعوا ظهوره 30 سنة زوروا فيها التاريخ". وفي وقت سابق تحدث السفيه السيسي عن عبد الناصر، مؤكدا أنه ملتزم باستكمال مسيرته، وهو ما علق عليه الكاتب الصحفي حسن البحيري، مؤكدا أن كلا من "عبد الناصر والسيسي وجهان لعملة واحدة فيما يتعلق بمحاربة الفكرة الإسلامية والقضاء علي تطلعات الشعوب في الحرية والتقدم". وقال البحيري: إن "عبد الناصر والسيسي اتفقا على التنازل عن الأرض، فعبد الناصر تنازل عن السودان طواعية، ثم سيناء وغزة بعد الاحتلال الإسرائيلي لهما في 1967، أما السيسي فقد تنازل طواعية عن تيران وصنافير لصالح السعودية. عسكر الخراب وقارن عدد من النشطاء بين الأحوال الاقتصادية والسياسية لمصر قبل حركة 23 يوليو وبعدها، فقال أحمد عيسى: "استلم العسكر مصر وسعر الدولار 25 قرشا، وما زالوا حتى أصبح سعر الدولار قريبا من ثمانية جنيهات، وبعد 60 سنة من الإصلاح الزراعي؛ لا يوجد لدينا قطن ولا قمح، والفلاحون يأكلون دجاجا من الجمعيات، ويشترون الخبز والجبن". وقالت أسماء الغزالي: "انقلاب 23 يوليو سبب خراب مصر، وحكم العسكر سبب نكبتها.. العسكر تسلموا مصر وكان بها أكبر غطاء نقدي في العالم، والآن نتسول من الكل". وغرد أحمد سعيد: "الجنيه الذهب كان ب97 قرشا قبل نكبة 23 يوليو.. مصر قبل الانقلاب كانت تقود الأمة، وتحت سيادتها السودان وغزة، وبعد 63 سنة من حكم العسكر؛ بتنا نشحذ الرز، ونتسول البطاطين". وعلى صفحته بموقع فيسبوك، كتب الحقوقي المعارض للانقلاب العسكري هيثم أبو خليل: "نفاجأ أننا لم نقرأ التاريخ جيدا ونكتشف بعد 63 سنة أن هناك جزءا من الشعب المصري يعشق عبادة الحاكم المستبد المجرم الفاشل على الرغم من تكشف كل جرائمه وخياناته، إلا أنه لا يستحيي أن يقول لك أنا ناصري"، وتابع "عبد الناصر جعل في كل بيت مصري جنازة بفضل نزواته وطيشه وفشله وغبائه ونرجسيته، المرضى الفشلة من العسكر يرهقون مصر بكل قسوة منذ عدة عقود، وما زال هناك من يهلل لخطاب أو حركات فارغة". وقال الباحث السياسي أسامة أمجد: إن التيار الناصري بالرغم من سيطرته طوال 68 عاما على مختلف مناحي الثقافة والفكر في الوطن العربي، إلا أنه فشل في أول تجربة اختيار شعبي حقيقي، عندما صوتت دول الربيع العربي لصالح الإسلاميين في مصر وتونس واليمن وليبيا، وهو ما مثّل صدمة كبيرة لأنصار هذا التيار. وأضاف: "لذلك لم يكن غريبا أن يستعيدوا مرة أخرى هوياتهم في الانقلابات العسكرية تحت مسميات مختلفة"، موضحا أنه "لم يكن يسمح لعبد الناصر ولا لمن جاء بعده في الدول الأخرى بهذه المساحة السياسية والعسكرية إلا لأنهم مثلوا حائط صد ضد توسع الفكرة الإسلامية التي وقفت كخلفية شعبية وراء الحركات التحررية في الوطن العربي".