ليست مفارقة على الإطلاق أن قائد انقلاب يونيو 2013 السفيه عبد الفتاح السيسي لا يمل من مشاهدة فيلم "رد قلبي" الذي برع فيه المخرج عز الدين ذو الفقار، والكاتب يوسف السباعي، من الدجل على المصريين والتطبيل لانقلاب يوليو 1952، وليست مفاجأة أن يطلب السفيه السيسي من المخرج خالد يوسف والفنان أحمد السقا، أن يعدا فيلماً يخلد انقلاب30 يونيو 2013، على غرار فيلم «رد قلبي» أيقونة الانقلاب العسكري الذي قاده جمال عبد الناصر. وبينما ينسب فيلم «رد قلبي» كل شئ جيد في مصر إلى العسكر، وكل شئ قبيح للملكية التي شوه صورتها في التعليم والسينما، ومن جملة ما ينسبه الفيلم من أكاذيب أن عبد الناصر هو أبو التعليم المجاني في مصر، أحدثت التصريحات التي أعلنها طارق شوقي، وزير التربية والتعليم في حكومة الانقلاب، حول النظام الجديد للتعليم بفصول رياض الأطفال والابتدائي والإعدادي ردود أفعال غاضبة. يقول الناشط صاحب حساب رجل القوس : " مش فاهم ايه العجن ده بصراحه ..الناس بتتقدم واحنا بنكسكس خطوتين تلاته ورا..قالك واللي عاوز يعلم عياله انجليزي عنده اللغات والدوليه يعني على حسابك .. في ايه ؟ ده بيرميك وش كده في مافيا المدارس تتحكم فيك عشان عاوز عيالك يبقى معاهم لغه". مضيفاً : "وعاوزين يشغلوا السياحه قال ..اذا كنت انت اصلا مش عاوز تعلم العيال تعليم المفترض يتطابق مع متطلبات سوق العمل..التعليم اللي هايفيده ف حياته تقوم تخرجه م الثانويه بانجليزي اهبل وتافه ومعاه لغه تانيه ؟!"، وختم ساخراً:"يلا ..هو يعني اللي اتعلموا خدوا ايه ؟". غضب من هدم التعليم وأعرب أولياء الأمور عن استيائهم الشديد من إلغاء المدارس الرسمية للغات، والمعروفة باسم "التجريبيات"، والتي تعد البديل أمام غير القادرين على قبول أبنائهم بالمدارس الرسمية للغات ذات المصروفات الباهظة، وبات السؤال الآن أليس السيسي هو ناصر الجديد، وانقلاب 30 يونيو 2013 هو امتداد لنهر الانقلابات العسكرية، منذ يوليو 1952، التي أوقفته ثورة 25 يناير 2011 قليلاً، ثم واصل جرائمه في يونيو 2013، وأوغل في أحكام الإعدامات ومصادرات الأموال وتسبب في هجرات المصريين إلى بلاد الشرق العربي والغربي الأوروبي. وأوضح أولياء الأمور أن تعليم اللغات ليس له علاقة بتدريس اللغة العربية؛ لأنها مادة مستقلة ويتم تدريسها فى جميع مراحل التعليم وتشهد مدارس العربى عدم إقبال من الطلاب على الالتحاق بها نظرًا لتدنى مستوى التعليم فيها وارتفاع الكثافة داخل الفصول الدراسية، وأكد أولياء الأمور رفضهم لتصريحات وزير الانقلاب التي قال فيها "اللى عايز يعلم ابنه لغة يدرس بره"، وأعرب المعلمون عن رفضهم لتصريحات وزير الانقلاب المتعلقة بدورهم. وقال خبراء التعليم أن هذا القرار يؤثر على قدرات الطلاب المصريين فى اللغة الإنجليزية ويعزلهم عن التطور العلمى والتكنولوجى الذى يشهده العالم، فضلًا عن اعتراضهم على لهجة حواره مع الطلاب والمدرسين التى وصفوها بالعنف، ويؤكد الدكتور حسن ندير خير الله، رئيس الجامعة الفرنسية فى القاهرة، أن اللغة الإنجليزية أصبحت لغة العالم ولا يستطيع أى فرد مهما كانت قدراته الشخصية وقوة لغته الأم إلا ووجب عليه تعلم اللغة الإنجليزية، ومن يفكر فى إلغاء اللغة بالنسبة للأطفال في سن مبكرة فهو يعزلهم عن التطور الحضارى والتكنولوجى القائم فى شتى بلاد العالم، لذا كان من الواجب على الدولة الحفاظ على المدارس التجريبية لتزويد الطلاب بالمهارات الخاصة وحصولهم على التجربة المختلفة. ويضيف ندير، أن كل الملل والأجناس تتعلم اللغة الانجليزية مستشهدًا بدولة فرنسا التى أقرت على طلابها عدم الحصول على الماجستير إلا بتعلم اللغة الإنجليزية، وهذا يؤكد أن خطوة إلغاء المدارس التجريبية لطلاب المدارس الإبتدائية خطوة غير مدروسة من كل الاتجاهات لأنها تضر بالبنية التحتية للتعليم فى مصر. ويوضح رئيس الجامعة أن تعلم المواد باللغة الإنجليزية منذ الصغر يرجع على الطلاب بفوائد عديدة فى كبره أهمها فتح سوق العمل أمامه، خاصة أن معظم الشركات الكبيرة تطلب من المتقدمين لوظائفها دراسة اللغة الإنجليزية وإجادتها، حتى المتعارف عليه فى معظم دول العالم كل المؤتمرات العلمية والسياسية الكبرى تكون باللغة الإنجليزية ويترجموها لكل لغات العالم. عساكر الدمار من جهته يبين الدكتور عبدالله سرور، أن المدارس التجريبية من أهم قواعد البنية التحتية التى تؤسس طلابًا قادرين على ممارسة اللغة الإنجليزية بسهولة، ويكشف عن مدى احتياجنا للمدارس التجريبية فى التعليم الابتدائى خاصة أنها تؤسس الطلاب من الناحية الفكرية واللغوية والتى تساعدهم فى مستقبلهم، ولكن قرار الوزير بإلغائها غير مدروس نهائيًا وليس من المعقول أن تلغى نظام تعليم كامل وتستبدله بآخر خلال عام فقط. ويعترض "سرور" على لهجة وزير تعليم الانقلاب التى استخدمها فى المؤتمر الصحفى والذى اعتبرها عنيفة تضر على علاقته مع الشعب، وأن خطته فى تطوير التعليم غير مدروسة بالمرة وعبارة عن مجموعة آراء قدمها دون إحكام دقيق وهذا ما يؤثر عليها ويجعلها عرضة للفشل، وكان من الواجب عليه مناقشة العلماء فى تطوير المدارس التجريبية وليس إلغائها كما أراد. ويعتقد المراقبون أن السفيه السيسي في طريقه إلى تدمير كامل المنظومة التعليمية، وهى خطوة في هدم الدولة المصرية كاملة تبناها انقلاب 30 يونيو 2013، حتى يحين وقت إنتاج "رد قلبي 2" ويظنه المراقبون ليس قريباً، لصعوبة تكرار سيناريو الهدم الذي تبناه عبد الناصر على أرض واقع تحكمه معادلات داخلية وخارجية .. وليست أحلام السفيه السيسي فقط.