وافقت الحكومة الصهيونية على زيادة موازنة إسرائيل العامة للعام المالى 2013/2014 بنحو 130 مليار دولار، منها نحو 18 مليار دولار للجيش الصهيونى (أى أكثر من الاحتياطى الإستراتيجى الذى لدى مصر من الدولار حاليا!)، بعدما كان هذا المبلغ فى موازنات سابقة لا يزيد عن 14.6 مليار دولار!!. ما الذى يعنيه ذلك ببساطة؟.. يعنى أمرين: (الأول) أن الموازنة الصهيونية زادت بدرجة كبيرة بسبب بنود جديدة فيها تتعلق باعتماد الصهاينة عقيدة قتالية جديدة هى التركيز على الفضاء أو الحرب الإلكترونية، وعبر التوسع فى التكنولوجيا والحرب والتجسس الإلكترونية بأكثر من اعتمادهم السابق على سلاح الطائرات، بعدما أصبح العمق الصهيونى مهددا بصواريخ المقاومة ودول الجوار، ولا تستطيع الطائرات وحدها منع ذلك.. فهذه الميزانية كانت عام 2012 لا تتجاوز 54 مليار شيكل (14.6 مليار دولار) وقفزت فى الأعوام التالية إلى 55 و57 و59 مليارا، لتصل إلى 66.5 مليار شيكل (18 مليار دولار) العام المقبل. الأمر (الثانى) أن زيادة الموازنة العسكرية معناه الحرب.. نعم الاستعداد لحرب صهيونية مع دول الصحوة أو الثورات العربية.. ومادامت الجيوش العربية انهارت وآخرها الجيش السورى، فالحرب لا يمكن أن تكون إلا ضد مصر، وهم يستعدون لها، بينما لدينا فى مصر طابور خامس ينخر كالسوس فى عصا الجيش المصرى تارة باسم الثورة والانتقام من حكم العسكر، وتارة باسم وهمٍ يرفضونه يسمى (أخونة الجيش)!. هذه الاستعدادات للحرب يؤكدها الخبير الإسرائيلى فى الشئون العسكرية "أليكس فيشمان" الذى يقول فى مقال لصحيفة يديعوت أحرونوت : "إن تجارب الماضى تدلل على احتمال وقوع حروب وعمليات عسكرية، إضافة إلى تحولات سياسية واقتصادية محتملة فى السنوات المقبلة مع زيادة الموازنة". فالجيش الصهيونى طالب بزيادة ميزانيته السنوية بسبب ما قال إنها (مخاطر خارجية) فى إشارة إلى الثورات العربية وتصاعد المخاطر الأمنية على الدولة الصهيونية وبذريعة الاحتياجات الأمنية الدفاعية والهجومية فى ظل تزايد مخاطر إطلاق الصواريخ نحو الجبهة الداخلية (العمق الصهيونى). اللافت فى موازنة الأمن الإسرائيلية لعام 2014 –كما يقول زميلنا الدكتور صالح النعامى الخبير فى الشئون الإسرائيلية– أنها تخصص موازنات ضخمة لإجراء أبحاث لتوظيف التقنيات المتقدمة والفضاء الإلكترونى فى الجهد الحربى... بعبارة أخرى يمكن القول: إن تل أبيب تسعى لوضع عقيدة قتالية صهيونية جديدة تقوم على الحرب الإلكترونية، فى ظل التحول فى طابع التحديات التى تواجهها «إسرائيل» فى الوقت الحالى، وذلك بصورة أكبر من استخدام الطائرات المقاتلة التى كانت منذ عام 1967 وحتى الآن بعد امتلاك المقاومة للصواريخ القادرة على ضرب العمق الصهيونى هى عنصر التفوق الصهيونى بالسيطرة على الأجواء وتهديد الدول العربية. وأحد الأمثلة على هذه الحرب الإلكترونية، كانت استخدام دودة أوز فيروس stuxnet فى مهاجمة أجهزة الطرد المركزى فى المنشآت النووية الإيرانية عام 2009 ولم يتردد وزير الحرب الإسرائيلى الحالى موشيه يعلون فى الاعتراف بأن «إسرائيل» هى المسئولة عن هذه الهجمة الإلكترونية التى تعرّضت لها منظومات الحاسبات الإيرانية الحساسة وذلك عبر استخدام فايروس «Flame». وهناك مثال آخر ذكرته صحيفة "إسرائيل اليوم" عندما قالت: إن أقمار التجسس الإسرائيلية تراقب المرافق الحيوية المصرية على مدار 24 ساعة!! هذا التحوّل فى العقيدة القتالية للجيش الإسرائيلى عبر توظيف الفضاء الإلكترونى فى الجهد الحربى الإسرائيلى سيكون أيضا مفيدا للدولة الصهيونية فى القيام بهجمات دون أثر أو هجمات غير معروف من الذى قام بها لأنها إلكترونية بلا هوية ولا يعرف من يقوم بها غالبا. أيضا أقدمت «إسرائيل» على التسلل إلكترونيا إلى منظومات التحكم المسئولة عن توجيه الدفاعات الجوية السورية عشية الغارة التى نفذتها الطائرات الإسرائيلية على المنشأة النووية السورية بالقرب من «دير الزور»، شمال شرق سوريا فى سبتمبر 2006، وأبطلت عمل هذه المنظومات حتى تقلِّص فرص تعرُّض الطائرات المغيرة لنيران الدفاعات الجوية السورية. واستخدمت تل أبيب الأسلوب نفسه فى الهجوم على مجمع اليرموك للسلاح فى قلب السودان فى نوفمبر الماضى 2012، كما قال لى مصطفى عثمان -مستشار الرئيس السودانى- عبر شلّ أجهزة الرادار السودانية بتقنيات حديثة وفى كل هذه الحالات، كان من الصعب تقديم أدلة قطعية تثبت مسئولية تل أبيب عن تنفيذ مثل هذه الهجمات!. يجب أن نصحو من صراعاتنا الداخلية الاستنزافية مثل "تمرد" أو "مظاهرات 30 يونيو" المشبوهة، ونتكاتف لتقف مصر على قدميها ويستطيع جيشنا أن يتصدى لأى "تمرد" إسرائيلى!