مع مرور أكثر من ستة وعشرين شهرا على اندلاع الثورة السورية وعدم الوصول لنتيجة مماثلة لما حدث فى باقى دول الربيع العربى، يبرز صراع المصالح بين القوى الدولية بما يؤخر من حلحلة الموقف، وهو ما يأتى على حساب الشعب السورى. فرغم محاولة قوى عربية وإسلامية لإنهاء دوامة العنف فى سوريا، إلا أن الوضع يزداد تأزما. فمصر التى دعت للجنة رباعية أغسطس الماضى تشمل مصر وتركيا والسعودية وإيران، قد أعلنت دعمها الكامل للثورة السورية واستضافت المقر الرئيسى لائتلاف المعارضة السورية. وتركيا التى أعلنتها صراحة أن الأسد سيدفع ثمن ما يحدث، استضافت 400 ألف لاجئ سورى لحين عودتهم لبلادهم. وقطر والسعودية تقومان بدعم الثوار ماديا. ورغم أن تلك الجهود جعلت كفة الثوار ترجح إلى حد كبير، لكن تدخل بعض القوى الكبرى والإقليمية حال دون الانتهاء السريع من نظام بشار. ومن مظاهر ذلك ما نشرته صحيفة "تايمز" البريطانية أمس الأول السبت، حيث نقلت عن مسئولين إسرائيليين أن "إسرائيل" تفضل بقاء الرئيس السورى بشار الأسد إذا كان البديل هو وصول الثوار (الذين من بينهم إسلاميون) إلى السلطة. وذكر التقرير الذى جاء تحت عنوان "الخوف من الإسلاميين يدعو إسرائيل لدعم بقاء الأسد" أن مصادر استخباراتية إسرائيلية قالت إن بقاء نظام الأسد، وإن بصورة أضعف، هو أفضل خيار ل"إسرائيل". وقال أحد كبار مسئولى المخابرات فى شمال "إسرائيل" للصحيفة "الشيطان الذى تعرفه خير من الشياطين التى يمكن أن تتخيلها إذا سقطت سوريا فى الفوضى ووصل إليها المتطرفون من مختلف دول العالم العربى". فى سياق متصل، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مسئولين أمريكيين قولهم إن روسيا تزود سوريا بصواريخ مزودة بأنظمة رادار متطورة لها القدرة على مهاجمة السفن. أما القوة الأولى فى العالم فهى تقف موقفا مترددا لا تدعم فيه المعارضة بشكل فعال وذلك خشية وصول نظام إسلامى للحكم. وبين تلك القوى وتلك يلاقى السوريون الأمرّين. فقد بلغ عدد اللاجئين الذين نزحوا عن سوريا مليونا ونصف المليون، حسب وكالة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وقالت الوكالة إنها سجلت نزوح مليون شخص منذ بداية هذه السنة. وتقدر الأممالمتحدة أن 80 ألفا قتلوا منذ بداية الثورة فى سوريا، وأن 4.2 ملايين نزحوا عن أماكن سكناهم داخل سوريا. ومما زاد الأمر سوءا، أنه رغم اتخاذ تركيا نهجا كريما فى استقبال اللاجئين السوريين إلى أراضيها، إلا أن الزيادة المتنامية فى أعداد السوريين الفارين من جحيم القتال فى بلادهم دفعت تركيا لمطالبة دول العالم ليس فقط بدعم اللاجئين بل باستضافتهم أيضا، حيث تنفق الحكومة ما قيمته واحد ونصف مليار دولار سنويا على هؤلاء اللاجئين.