التحدى الأكبر أمام الرئيس مرسى خلال المرحلة المقبلة هو استعادة هيبة الدولة، والحفاظ على مؤسساتها؛ لتبدو فى موضع القوة، وتكون جاهزة لتحقيق الأمن للمواطن. وأتصور أن هذا التحدى يمكن أن يكون سهلا ميسورا وفقا لشروط معينة وقواعد محددة، وتوجهات من شأنها أن تساعد النظام على الوصول إلى هذه الهيبة فى أقرب فرصة وأسرع وقت. هذه التوجهات وتلك الاشتراطات المعينة والقواعد المحددة تتمثل فى استعمال القوة المفرطة، وانتهاك سيادة القانون، وإطلاق يد السلطة التنفيذية وأجهزة الأمن للوصول إلى تلك النتيجة. وإذا كانت إرادة الرئيس مرسى، بل أى رئيس بعد الثورة، تتمثل فى الحفاظ على كرامة المواطن والالتزام بصحيح القانون، عند التحرك باتجاه تحقيق هيبة الدولة؛ فإن التحدى الأكبر سيكون فى ضرورة الجمع بين العمل على استعادة الهيبة وضرورة الالتزام بالقانون، دون التعدى على كرامة المواطن وحقوقه حتى وإن كان متهما. وهذه هى المعضلة التى تقف حجر عثرة أمام الوصول إلى مستوى مرضٍ ومقبول –حتى هذه اللحظة- لفرض هيبة الدولة على المستويات كافة وفى جميع المجالات، وإلا كان الوصول إلى الهيبة سهلا ميسورا. ولا أرى الرئيس مرسى متفردا فى هذا السعى الذى يجمع بين الهيبة والالتزام بالقانون، إذ لم يعد بمقدور مسئول اليوم أن يتجاوز الشرعية القانونية أو يتجاوز الحفاظ الكامل على حقوق الإنسان. وهذا هو التحدى الأكبر الذى يفوق هدف استعادة هيبة الدولة، إذ إن الأنظمة الديكتاتورية والمستبدة سريعا ما تبسط سيطرتها وتفرض هيبتها على الجميع فى ظل ارتكاب مخالفات جسيمة وخروقات كثيرة للقانون ولحقوق وكرامة الإنسان. ولا شك أن عملية التحول والانتقال من الدولة المستبدة التى تفرض هيبتها على الناس بخلاف صحيح القانون، إلى دولة يتم فيها تنفيذ القانون بصرامة وقوة دون تورط أجهزة الدولة التنفيذية وأجهزتها الأمنية فى مخالفات للقانون، تحتاج إلى وقت وجهد، بل تدريب متصل. ويحتاج الأمر أيضا إلى استكمال بناء مؤسسات الدولة المختلفة؛ لتكون قادرة جميعا على مواجهة أى انحراف أو قصور، حيث تقوم المؤسسة التشريعية المنتخبة والمستقرة على إنجاز القوانين الحازمة، وتقوم السلطة القضائية الناجزة والمتسقة مع التوجهات الجديدة للشعب بدورها الفاعل فى تحقيق العدالة، ثم يكون الدور بعدها على المؤسسة التنفيذية لتقوم بمهامها فى تطبيق القانون والالتزام بحدوده وقيوده عند التنفيذ.