جاء اغتيال تشودرى ذو الفقار على، المدعى العام فى قضية مقتل بنظير بوتو رئيسة وزراء باكستان السابقة، ليلقى الضوء على تطور الوضع السياسى فى أحد أكبر البلاد الإسلامية، وذلك قبيل انتخابات عامة يتوقع أن تؤدى إلى انتقال السلطة من حكومة مدنية أتمت فترتها إلى أخرى عبر صناديق الاقتراع، للمرة الأولى فى تاريخ باكستان. فقد تزامن إطلاق مسلحين على دراجة نارية ل12 طلقة على المدعى تشودرى ذو الفقار، مع توجهه إلى جلسة جديدة فى محكمة مكافحة الإرهاب في"روالبندى" والمخصصة لقضية اغتيال بنظير بوتو، رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة، التى اغتيلت فى 27 ديسمبر 2007، بينما كانت على رأس موكب حزب الشعب الباكستانى الذى كانت تترأسه فى روالبندى. ويعتبر ذو الفقار واحدا من أبرز المحامين فى القضايا الجنائية فى باكستان، وهدد بالقتل عدة مرات. كان قبل مقتله يقاضى سبعة رجال متهمين بالضلوع فى هجمات مومباى بالهند عام 2008، كما كان يقوم بمقاضاة الرئيس الباكستانى الأسبق برفيز مشرف لاتهامه بالمشاركة فى عملية اغتيال "بوتو". وتشير أصابع الاتهام إلى "مشرف" الذى كان قد انتزع السلطة عام 1999 إثر انقلاب عسكرى، وحكم البلاد تسع سنوات قبل الإطاحة به فى انتخابات رئاسية غادر على أثرها باكستان إلى المنفى فى لندن ودبى. ومن بين الأسباب التى تشير إلى ارتباط الحادث بمشرف هو رفض الهيئة المشرفة على الانتخابات ترشحه فى الانتخابات العامة، المقرر إجراؤها هذا الشهر؛ حيث كان مشرف قد عاد فى مارس الماضى إلى بلاده من منفاه الاختيارى، آملا فى أن يقود حزبه، رابطة جميع المسلمين فى باكستان، فى الانتخابات المقبلة، وقد أدى رفض ترشحه إلى قطع الأمل أمام عودته إلى الحياة السياسية. ويأتى حادث مقتل ذو الفقار بعدما أمرت محكمة باكستانية مؤخرا بفرض الإقامة الجبرية على "مشرف" لثلاثة أيام؛ لاتهامه بالتقاعس فى توفير الحماية الكافية لرئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو؛ مما أدى إلى اغتيالها، وعليه فقد توقع مشرف حكما قضائيا ضده بين الحين والآخر. كما كان مشرف قد اعتقل أيضا بسبب قراره المثير للجدل بإقالة قضاة، من بينهم رئيس مجلس القضاء، محمد افتخار تشودرى، عندما فرض مشرف حالة الطوارئ فى البلاد عام 2007 . وكان تقرير قد أصدرته الأممالمتحدة عام 2010 قد خلص إلى أن اغتيال بنظير بوتو كان من الممكن تفاديه، وأن حكومة مشرف لم توفر لها الحماية الكافية. واتهمت محكمة مكافحة الإرهاب مشرف فى القضية فى شهر فبراير 2011، وفى أغسطس من نفس العام، أعلنت أنه الجانى، وحكمت بالحجز على ممتلكاته نظرا لغيابه. ويشير المشهد العام فى باكستان إلى حالة من الانتقام بين أنصار نظام مشرف والنظام الجديد الرافض للحكم العسكرى أو الاستبدادى؛ حيث وصل الأمر إلى قتل المرشحين فى الانتخابات المقررة يوم 11 من الشهر الجارى، فقد لقى 8 أشخاص مؤخرا حتفهم فى هجمات بالقنابل على مقرات لمرشحين للانتخابات، شمالى شرق البلاد، ويأتى الحادث من بين أعمال العنف على الحملة الانتخابية، حيث قتل 50 شخصا فى تفجيرات انتحارية منذ 11 أبريل الماضى منهم 20 قتلوا فى الأيام الثلاثة الأخيرة. ومن المرجح أن يتسبب حادث اغتيال تشودرى ذو الفقار فى تصعيد الأزمة السياسية فى البلاد ومواجهة أكبر بين نظام مشرف والنظام الحالى، وقد بدأ التصعيد بإعلان المحامين فى مدينتى إسلام آباد وراولبندى الإضراب عن العمل؛ احتجاجا على اغتيال ذو الفقار على.