كنت منذ أيام أكاد لا أصدق نفسى وأنا أستمع إلى كمّ الشائعات والأكاذيب التى تتداول ويروج لها أفراد ومؤسسات ممن كان مشهودا لهم سابقا بالموضوعية. ولم أستطع إقناع نفسى بأن مثل هؤلاء الأشخاص أو المؤسسات يتعمدون الكذب، فتاريخ هؤلاء الأفراد لا يوحى بذلك، خاصة أولئك الذين كان لهم دور ما فى ثورتنا بل فى معارضة النظام السابق. ولكن ما إن تذكرت قول المولى عز وجل: "وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِى أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِى أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِىَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ"، حتى بدأت أستوعب الأمر قليلا. فمن تدبير المولى عز وجل لأمر ما أن يهيئ له الأسباب وإن كانت بخلل يجريه على أدوات إدراك البشر حتى يسيروا إلى ما قدره بمشيئته سبحانه. فلولا أن أهل بدر رأوا المكيين أقل عددا وعدة على غير الحقيقة لما قرروا أن يتناوشوهم بأسلحتهم. وكذلك لو لم يقلل المولى عز وجل صورة أهل بدر فى أعين الكافرين لهابوهم وعادوا لمكة دونما قتال. كل ذلك لماذا؟... (لِيَقْضِىَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً) لا أعنى قطعا بسابق قولى من عهدنا عليهم الكذب أو عدم المصداقية، ولكن أحاول أن أستنبط سببا لما أراه وأسمعه من أناس أحسنا وما زلنا نحسن بهم الظن بينما نستغرب مما ينطقون به. وختاما.. لا يعنى ما سبق قوله أننا على الحق المطلق وغيرنا فى خطأ مطلق، فلقد دفنت العصمة فى قبر محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينة. كما أن الخلل فى الإدراك الوارد فى الآية السابقة وقع فى حق كلا الطرفين لتنفذ إرادة الله. فاللهم أنر بصيرتنا لنرى الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.