تسود لبنان حالة من التفاؤل عقب تكليف الرئيس ميشال سليمان "تمام سلام" المعروف بوسطيته بتشكيل حكومة جديدة فى البلاد، بعد نيله تأييدا برلمانيا ساحقا من قبل مختلف الأطراف السياسية المتنافسة؛ ليكون خلفا لرئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتى، إلا أن المشاكل التى تنتظر سلام دفعت البعض للتساؤل عن قدرته على قيادة السفينة اللبنانية فى خضم الأمواج المتلاطمة التى تضرب البلاد من كل اتجاه. تكليف سلام يأتى بعد أسبوعين من استقالة رئيس الوزراء ميقاتى، الذى أمضى عامين فى منصبه سعى خلالهما إلى احتواء التوترات الطائفية والاضطرابات والعواقب الاقتصادية نتيجة الأزمة فى سوريا المجاورة، وفى حال تشكيله الحكومة سيكون من ضمن مهامه التحضير للانتخابات البرلمانية المقررة فى يونيو القادم، لكنها تواجه تأخيرا محتملا، ولم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن على القانون الذى ستجرى بموجبه الانتخابات. والإجماع على التكليف لا يعنى أن كل المشكلات سوف تحل بسهولة فى عملية تأليف الحكومة، فالخلافات تحتدم بين الفرقاء حول شكل الحكومة، وأعضائها، ومهامها، وتوزيع الحصص، وتتباين الآراء بين راغب فى أن تكون الحكومة حيادية، مهمتها الأساسية الوصول إلى الانتخابات النيابية، وأخرى ترى ضرورة أن تكون حكومة وحدة وطنية لجميع الفرقاء فى ظل الظروف الداخلية والإقليمية الصعبة. مشكلات لا تنتهى وفيما يبدو أن الجنرال عون سوف يكون أكثر الخاسرين فى أى تشكيل حكومى مقبل؛ نظرا لأنه كان يسيطر على عشرة مقاعد، فإن تحالف "8 آذار" يرغب فى أن يكون له الثلث المعطل، وهو ما ترفضه قوى "14 آذار" حتى لا تتكرر تجربة العام 2011 التى أدت إلى إقصاء سعد الحريرى عن رئاسة الحكومة، وتكليف ميقاتى بحكومة من لون واحد. وتبرز أيضا عقدة مهمة، وهى إقرار قانون الانتخابات؛ لتجنب دخول لبنان فى فراغ دستورى، ويتركز الخلاف حول إقرار قانون "الأرثوذكسى"، القاضى بانتخاب كل طائفة فى لبنان لمرشحيها فى البرلمان، ويزيد القانون فى حال اعتمد من تمثيل التيارات السياسية المسيحية ضمن فريقى 8 آذار، و14 آذار على حد سواء، وتبرز المشكلات بين جنبلاط والجنرال عون حول تقسيم دوائر جبل لبنان، واتهامات لجنبلاط بأنه يمنع أكثر من 110 آلاف مسيحى فى عالية والشوف من فرصة تمثيلهم فى المجلس النيابى. ويدعم حزب الله القانون؛ لأنه يدعم حظوظ حليفه عون فى زيادة عدد المقاعد النيابية، ويحد من تأثير قوة تيار المستقبل. ومن الحلول الوسط المطروحة التى يمكن اعتمادها: الجمع بين قانونى الأكثرية والنسبية بواقع النصف لكل منهما، بدلا من قانون عام 1960 أو "قانون غازى كنعان" الذى أقر فى أثناء الوجود السورى فى لبنان. ومع رفض الرئيس ميشال سليمان التمديد للمجلس النيابى، فإن على الحكومة والمجلس النيابى الإسراع فى إقرار قانون الانتخابات الجديد أو الاستمرار بقانون الستين؛ تلافيا لحدوث فراغ دستورى، وهى مهمة صعبة جدا، ويبدو واضحا أن أطرافا كثيرة باتت مقتنعة بإمكانية تأخير تقنى للانتخابات من 9 يونيو لعدة أسابيع.