مما لا شك فيه أن زيارة الرئيس مرسى، واقتراب افتتاح الطريق الدولى الذى يتم إنشاؤه بين البلدين، والمقرر افتتاحه خلال الشهر الجارى، الذى سيربط بين مصر والسودان، سوف يقودان لانطلاق مرحلة جديدة من التعاون خلال الفترة القليلة المقبلة، إذ يأمل البلدان فى مضاعفة حجم التبادل التجارى خمسة أضعاف خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وذلك إثر اتفاقهما على وضع أسس جديدة لتسهيل وتيسير انتقال السلع والبضائع والأشخاص، وإنهاء المعوقات التجارية، ووضع تيسيرات جمركية فى الصادرات والواردات، علما بأن حجم التبادل التجارى الآن أكثر قليلا من نصف مليار دولار سنويا فقط، بما لا يتناسب بالطبع مع مستوى العلاقات السياسية والشعبية بينهما. تجدر الإشارة إلى أن حجم التبادل التجارى بين الدولتين قد ارتفع من 539 مليون دولار فى عام 2012 إلى 628 مليون دولار فى عام 2011، ثم بلغ 731 مليون فى العام الماضى، وهو مبلغ متواضع مقارنةً بالقرب الجغرافى بين البلدين وإمكانية التكامل السلعى بينهما. وتحتل مصر المرتبة الثالثة فى قائمة الدول المصدرة إلى السودان بعد كل من الصين والإمارات، وتشكل الآلات والمعدات والمنتجات الكيماوية ووسائل النقل والمنسوجات، أبرز واردات السودان من مصر، بينما تستورد مصر من السودان الحيوانات الحية واللحوم والفول السودانى والجلود. وقد سجل حجم الاستثمارات المصرية فى السودان نموًّا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة؛ بفضل الحضور القوى للقطاع الخاص المصرى فى السودان، حيث يبلغ حجم هذه الاستثمارات 7.7 مليارات دولار تتوزع على 213 مشروعًا فى المجالات الصناعية والخدمية والزراعية. بينما يبلغ حجم الاستثمارات السودانية فى مصر نحو 184 مليون دولار تتوزع على رءوس أموال 257 شركة، منها أكثر من 140 شركة برءوس أموال مصرية سودانية مشتركة. كما يجرى تأسيس منطقتين صناعيتين مصريتين بالسودان، الأولى فى أم درمان لصناعة الجلود على مساحة 2 مليون متر مربع، والأخرى فى ولاية النيل الأبيض، إلى جانب إقامة مصنع سكر ضخم لتغطية الاستهلاك السودانى. وفى هذا الإطار يلاحظ حرص الدولتين على تقوية ودعم العلاقات بينهما فى شتى المجالات، فالسودان يعد الدولة الوحيدة التى لديها قنصلية فى محافظة أسوان، وهو ما يدل على التواصل الإنسانى المكثف بين السودان وأهالى مصر فى الجنوب على وجه خاص؛ كما يبرز فى المبادلات التجارية بين أسوان ووادى حلفا، إذ بلغت إجمالى الصادرات خلال الفترة من يناير 2013 وحتى الآن 12.7 ألف طن من المنتجات المختلفة، فى حين بلغت نسبة الواردات من حلفا إلى أسوان خلال الفترة نفسها 23.4 طنًّا، ولا يتوقف دور القنصلية عند تقوية العلاقات التجارية والاقتصادية، لكنه يشمل العلاقات فى المجالات المختلفة الثقافية والسياسية. وليس بعيدًا عن الأمن القومى يشكل السودان أهمية خاصة بالنسبة لمصر فيما يتعلق بموضوع المياه ونهر النيل، وخاصةً مع التزام الدولتين ببنود التعاون كافة طبقًا لما أقرته اتفاقيات عامى 1929 و1959 الخاصتين بتنظيم استغلال مياه نهر النيل بما يحقق صالح كل من مصر والسودان فى حدود الحصص المقررة لكل دولة. وتحرص الدولتان فى هذا الصدد على التنسيق المائى فيما بينهما، وينعكس ذلك على ترابطهما وموقفهما المشترك خلال الأزمة التى نشبت خلال عام 2009 حول الاتفاق الإطارى للتعاون القانونى والمؤسسى لاتفاقية حوض النيل لإعادة تقسيم المياه، وإنشاء مفوضية لدول حوض النيل، الذى أعدته دول المنبع ورفضت مصر التوقيع عليه، مستندة إلى المطالبة بالمحافظة على الحقوق التاريخية والامتيازات القانونية الخاصة بحصة مصر.