صدر منذ أيام العدد 35 من مجلة "حراء" وهى أول مجلة تركية باللغة العربية، وفى المقال الرئيسى للمفكر الإسلامى والداعية التركى فتح الله كولن"- بعنوان:"فلسفة الحياة عندنا"، يسهب فى شرح الفارق بين عوالم الفكر واللا فكر فيقارن بين الذين يفكرون ويجتهدون فى إخراج الأفكار إلى عالم التنفيذ، وبين هؤلاء الذين يحيون كالأطفال فهم إما يقلدون أو يسمعون، ولا يتركون لأنفسهم فرصة لتحريك قيمهم الذاتية والإنصات إلى ما فى دواخلهم من رؤى وتحركات، وفى الوقت نفسه يؤكد-كولن- على أهمية التأصيل لأفكار نابعة من خصوصية المنظومة الإسلامية، وتفرد الوجدان المتشرب بالعقيدة الإيمانية، ويقول:" نحن نجلب عناصر حياة المستقبل من ماضينا، فإن استطعنا أن نعجنها فى معاجن ثقافتنا الذاتية بنور الدين وضوء العلم، فقد جهّزنا خميرةَ أبديتنا".مشيرا إلى أن حاجاتنا إلى "التفكير تضاهى حاجتنا إلى الهواء الذى نتنفسه"، وأن الأمة التى لا تفكر، فإنها فى الحقيقة لا تحيا، أو تحيا ولكن على فتات أفكار الآخرين. وفى مقاله "التمثل والإبداع فى العمارة الإسلامية " يعرج الدكتور: بركات محمد مراد -رئيس قسم الفلسفة والاجتماع، جامعة عين شمس- على جانب من جوانب التميز فى الحضارة الإسلامية وهو جانب الإبداع فى الزخارف والعمارة؛ وأشار إلى أن:" عبقرية المسلمين الفنية تتجلى فى المبانى والعمائر المدنية مثل التى توجد فى المساجد والأبنية الدينية، وقال لقد أضفى المسلمون طابع الفخامة على كثير من المنشآت ذات الأغراض المدنية العادية، كالمدارس، والدكاكين، والفنادق، والمارستانات، ومواضع الاستراحة أو الخانات على طول الطرق التجارية، والحمامات، وأسبلة المياه فى الشوارع، وحتى مخازن البضائع الكبيرة المعروفة ب"الوكائل"، ويرى بركات أن الفن الإسلامى أكسب تلك العمائر -كما يشير "إيتان سوريو" فى "الجمالية عبر العصور"- مسحة جمالية مرموقة، تظل أشكالها الجوهرية من أخص خصائصه وأبرز صفاته". ومن جانبها تناولت د. مهدية أمنوح - أستاذ الفكر والحضارة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- بالمغرب- "موقع رسائل النور من الفكر الإسلامى الحديث" وهى قضية فكرية غاية فى الدقة، ؛ وقالت أن "رسائل النور" للمفكر "سعيد النورسي"- أحد الإصلاحيين فى تركيا الحديثة 1877 – 1960، والتى اختلف المفكرون فى رؤيتهم لرسائله- فيها مادة مكثفة من المقالات والخطب والخواطر والتحليلات والتفسيرات التى انصب جزء كبير منها -إن لم يكن جلها- فى تفسير القرآن الكريم. وأكدت الكاتبة أن تسميتها ب"رسائل النور" جاءت لكونها تطمح إلى الاقتباس من نورانية هذا الكتاب بدورانها فى فلكه وقربها منه؛ مشيرة الى أن الرسائل جعلت محورها التفكر فى الآفاق وفى الأنفس وفق ما ورد فى القرآن الكريم. وخروجا من عالم التاريخ والتنظير جاء مقال د. مريم آيت أحمد -كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بالمغرب- ليضع ملامح محددة للمشروع الإسلامى الوسطى الحديث، وأشار المقال إلى أن ثقافة الوسطية ينبغى أن تؤصِّل حاليا إلي: • تقبُّل مواجهة الأفكار الجديدة بأسلوب جديد ومادة معرفية جديدة، منطلقين من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. • تبنى المنهج الشمولى فى فهم الإسلام الذى يجمع بين العقيدة والشريعة والسلوك والحركة والبناء الحضارى من خلال منهج عقلى أصولي. • الإيمان بأن الفقه الإسلامى متجدد، لا يقف عند زمن معين ولا مذهب معين، ومواجهة مشكلات العصر من خلال مقاصد الشريعة وقاعدة الأيسر وليس الأحوط. • دراسة الأنظمة العامة والمبادئ الكلية فى الشريعة الإسلامية، بمواجهة ما عند الغرب من مبادئ ونظريات قانونية كلية. • دراسة السنن الكونية دراسة علمية موضوعية، والاستفادة منها فى الدخول إلى العصر الحضارى الإسلامى الجديد. • استقراء وتفكيك وتحليل للعوامل المؤدية لمظاهر الخرافة والبدع والتواكلية والانهزامية والعنف والانحراف. • تأسيس مراكز دراسات وأبحاث إستراتيجية، وتأهيل كوادر علميًّا ومعرفيًّا وإعلاميًّا وسياسيًّا وتكنولوجيًّا، للرد على الغزو الثقافى العولمى من خلال المنهج السابق فى الفكر الإسلامى بجميع الوسائل التى يعتمد عليها. ومجلة"حراء" التى تقول فى تعريفها أنها:" مجلة قرآنية الصبغة عصرية الصياغة، تسعى إلى تحويل الإيمان الساكن فى القلوب إلى إيمان فعال معيش" ضم العديد من الأبواب والموضوعات الأخرى فى الشعر والأدب والحضارة والعلوم.