يواجه الاقتصاد المصرى تحديات كبيرة خلفها النظام البائد الذى انتشر فى عهده الفساد واستحواذ أصحاب الحظوة الذين كانوا مقربين من هذا النظام على أكثر من 80% من عائد النشاط الاقتصادى فى البلاد مقابل 20% لعموم الشعب. كما أن سوء إدارة حكومات العهد البائد لموارد الدولة أدى إلى ارتفاع حجم الدين العام لنحو 1.3 تريليون جنيه تعادل 85% من الناتج المحلى الإجمالى، إضافة إلى ارتفاع نسبة عجز الموازنة العامة إلى أكثر من 10% من الناتج المحلى سنويًّا، والانعكاسات السلبية لهذه الاختلالات المالية بميزانية الدولة، خاصة ضعف الاعتمادات المالية الموجهة للخدمات الأساسية والضرورية. أبرز التحديات الحالية وفق تأكيدات الدكتور المرسى حجازى -وزير المالية- تتمثل فى الحاجة إلى تحقيق الاستقرار المالى والاقتصادى فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد، بالعمل على عدة محاور أساسية تتضمن خفض معدلات الدين العام وخفض عجز الموازنة العامة بحلول عام 2013/2014 إلى 5% والدين العام إلى 50% فقط من الناتج الإجمالى وتنمية الموارد العامة لمقابلة المصروفات المتزايدة التى تلتزم بها الدولة لتحقيق المطالب الجماهيرية الملحة للمواطنين وتحسين الخدمات والمرافق العامة التى تقدم خدمات أساسية. وأكدت التقارير المالية الشهرية لوزارة المالية أن التحديات تتضمن أيضا الحاجة إلى ترشيد المصروفات العامة إلى الحدود المقبولة التى لا تخل بالاحتياجات الإساسية للمواطنين، خاصة فى ظل ما تؤكده الدراسات الإحصائية لوزارة المالية من انخفاض معدل النمو فى الإيرادات العامة إلى 4% فقط سنويا مقابل زيادة المصروفات العامة بموازنة الدولة إلى 12% سنويا. وتشمل التحديات ضرورة اتخاذ إجراءات هيكلية ضرورية للسياسة المالية للبلاد، على رأسها ترشيد الدعم الحكومى للطاقة، الذى تجاوزت أرقامه 114 مليار جنيه العام الماضى، وهو مرشح للزيادة العام الحالى ما لم تتخذ الحكومة الإجراءات المناسبة لترشيده وقصره على المحتاجين ومحدودى الدخل. ومن التحديات أيضًا الحاجة إلى توسيع قاعدة المجتمع الضريبى بضم قطاع الاقتصاد الموازى أو ما يسمى اقتصاد "بير السلم" إلى مظلة الشرعية القانونية، وتعزيز القدرات المؤسسية للعمل الضريبى، بما يوازن بين العبء الضريبى على الممولين المكلفين بالضريبة الحالية من ناحية، وعدم التأثير السلبى على النشاط الاقتصادى من ناحية أخرى. ويعد استمرار جهود مبادلة أكبر جزء من الديون مع الدول الصديقة لتوفير مساحة من التمويل للمشروعات العامة التنموية، إضافة إلى العمل على فض التشابكات المالية المعقدة بين الكيانات الحكومية المختلفة، شاملة (الخزانة العامة والهيئات الاقتصادية وبنك الاستثمار القومى وصناديق المعاشات والتأمينات)، وتحصيل الجانب الأكبر من المتأخرات المالية لصالح الخزانة العامة للدولة لدى الجهات الأخرى، التى تتعامل معها والمقدرة، وفقا لتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات بنحو 104 مليارات جنيه، من بينها نحو 64 مليار جنيه متأخرات ضريبية من التحديات الكبيرة التى تواجه الاقتصاد المصرى، فى الوقت الحاضر، وتتطلب اتخاذ إجراءات محددة لرفع كفاءة الإدارة المالية والاقتصادية للهيئات الاقتصادية، خاصة هيئات البترول والكهرباء والسكك الحديدية واتحاد الإذاعة والتليفزيون وغيرها. كما تشمل التحديات إصلاح نظم التأمين الصحى لزيادة أعداد المستفيدين، والاهتمام ببرامج التدريب التحويلى ضمن منظومة إجراءات تعمل على تحفيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة لتنمية معدلات التوظيف، بجانب إصلاح منظومة دعم الطاقة تدريجيا واستحداث آليات جديدة أكثر فاعلية فى الرقابة والتسعير وإدارة أصول قطاع البترول، بما يسمح بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق الحكومى لصالح مجالات ذات مكون اجتماعى، مثل: الصحة والتعليم ومد المرافق الأساسية، إضافة إلى مد مظلة الضمان الاجتماعى لحماية الفئات الأولى بالرعاية، واستخدام جزء من فوائض هذه الأموال لزيادة مخصصات الصحة والتعليم وبرامج تحقق البعد الاجتماعى، مثل توسيع مظلة معاش الضمان الاجتماعى، وزيادة مخصصات الإسكان منخفض التكاليف. من جانبه، يؤكد عانى قدرى -مساعد أول وزير المالية- أن من أهم التحديات الحاجة إلى عدم تجاوز ميزانية الدعم الحكومى 5.% من الناتج المحلى الإجمالى لتوفير الموارد اللازمة لبنود إنفاق وخدمات تحتل أولوية قصوى لاحتياجات المواطنين فى هذه المرحلة. وطالب بالاتفاق على تنفيذ خطة لإعادة هيكلة ميزانية الدعم، خاصة دعم الطاقة، واتباع أساليب متطورة فى توزيعه، وقصر الاستفادة منه على الفئات محدودة الدخل عبر البطاقات الذكية. ومن محاور التحديات، التى تواجه الحكومة حاليا لتحقيق طموحات المواطنين، وضع حلول عملية لأزمة البطالة المتراكمة خلال السنوات الماضية، وتشغيل نحو 7 ملايين عاطل، وفق تقديرات المراكز البحثية، وتوفير فرص عمل لنحو 800 ألف خريج من الشباب يدخلون سوق العمل سنويا. ويعتبر التحدى الذى يحتل أولوية قصوى فى هذه المرحلة هو توفير مناخ أكثر جاذبية للاستثمارات الخارجية، والوصول بحجم التدفقات الاستثمارية الأجنبية إلى 14 مليار دولار سنويا؛ من أجل توفير فرص العمل المناسبة للتشغيل، وتنشيط حركة الاقتصاد الوطنى لاستعادة معدلات النمو المرتفعة فى أقرب وقت.