كل دول العالم العربية والإسلامية –قبل الغربية– أقامت احتفالات صاخبة برأس السنة الميلادية؛ حتى إن احتفالات إمارة دبى بالعام الميلادى فاقت احتفالات عواصم أوروبية كبيرة، وانطلقت آلاف الصواريخ وألوان الإضاءة المبهرة الملونة فى سمائها.. وبالمقابل ضرب أهالى بعض المدن التركية مثلا رائعا ببعث عشرات الرسائل إلى العالم، منها رسالة خاصة لنا فى مصر تطمئن الذين يتشوقون لمستقبل مصر الثورة ألا يحزنوا، وأن يستبشروا بما حدث لتركيا من تغير مبهر ناجح فى الاقتصاد والسياسة والأخلاق والتدين. مساء ليلة عيد الميلاد 1-1-2013 احتشد آلاف الأتراك بجامع (أولو) فى مدينة (بورصة) التركية فى صلاة فجر أذهلت الجميع، خصوصا علمانيى تركيا، وكأنها صلاة جمعة، ونشرت الصحف التركية صورة للمصلين الذين اصطفوا فى صفوف طويلة داخل وخارج المسجد المزدحم فى درجة حرارة باردة تقارب ال5 درجات. أراد أهالى مدينة بورصة التركية أن يبدءوا عامهم الجديد بالطاعة، فعندما دقت الساعة ال6:20 بتوقيت مدينة بورصة، تم رفع أذان صلاة الفجر فأسرع الآلاف راكضين نحو جامع (أولو) أشهر الجوامع فى تركيا، ومن أجملها فى العالم، وكل مَن وصل هناك ذُهل بالحشد الضخم الذى تجمع لأداء صلاة الفجر، حيث لم يتسع الجامع الذى سعته 7-8 آلاف مصلٍّ، فصلى الآلاف منهم فى العراء فى البرد الشديد، وقال أحدهم لصحيفة (الزمان): "شعرت بأننا فى صلاة الجمعة أو فى يوم عيد". ويقول آخر: "أصلى فى هذا الجامع منذ 20 عاما، فلم أر يوما أن صلى فى الجامع عدد كهذا، فى الحقيقة كان الجو فى الجامع جوًّا إيمانيًّا مؤثرًا، رأينا آلاف الشباب يصلون معنا فى ليلة يقضيها معظم الشباب فى البارات.. رأينا الجامع قد فاض وفاضت ساحاته وحتى الشوارع المحيطة به، إنه شىء عظيم أن يبدأ الشباب عامهم بصلاة فجر كهذه". قرأت تفاصيل الخبر، وقرأت الرسائل العديدة التى بعث بها إلى كل العالم، فوجدت من بينها رسالة لشعب مصر تقول: لا تهنوا ولا تحزنوا لما يفعله الفلول ومدعو الثورية والمرجفون والمثبّطون ومعرقلو التنمية، فها هى تركيا تواجه شدائد أكبر ويسجن قادتها أصحاب الفكر الحضارى الإسلامى، وتشهد انقلابات عسكرية عدة، وقيودا من قضاة الدولة العميقة، ويصل الأمر إلى إعدام أحد رؤساء وزرائها؛ لأنه ذهب للحج، والسخرية من آخر لأنه يصلى، والآن هى تقود العالم الإسلامى وتقف كأحد الدول الاقتصادية الكبرى، وتمد يدها لمصر ودول الصحوة الإسلامية. عندما حضر رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان لمصر فى نوفمبر الماضى حرص على أن يقول فى خطابه بجامعة القاهرة: "ارفع راسك فوق انت مصرى"، وعندما اشتدت وطأة سهام الفلول على الرئيس محمد مرسى قال أردوغان: "إن مصر لم تر زعيما وقائدا مصريا من قبلُ عنده هذه الجرأة الجبارة فى إعلان حالة الحرب على الفساد بمصر، مثلما قام به الرئيس مرسى، وإن الرئيس سيتجاوز المحن التى تمر بها مصر". تركيا تنادى مصر على المستويات الاقتصادية والسياسية والمعنوية كافة، وهى تنقل لنا الرسائل واحدة تِلو الأخرى بأننا نسير على الطريق الصحيح، وأن مصر ستنهض مثل تركيا، وتقود العرب مرة أخرى.. فلا تحزنوا ولا تهتموا بهذه السهام الطائشة التى تريد النيل من مصر ونهضتها المرتقبة.