كثير من الدول المتقدمة أولت التعليم الفنى جل اهتمامها، فانعكس ذلك على تقدمها مثل ألمانيا التى اهتمت به حتى أصبح أحد الأسباب الرئيسية التى قادت إلى نهوضها من أنقاض الحرب العالمية الثانية، بينما الوضع ينعكس لدينا فى مصر؛ فخريج التعليم الفنى ينظر إليه باعتباره "صنايعى"، ولا يعتد به إلا إذا "استكمل تعليمه". وكأن التعليم الفنى قاصرا، ولا يؤهل طالبه للتعامل مع المجتمع، رغم أننا أحوج ما نكون لزيادة الاهتمام للتعليم والتدريب المهنى وتوجيه الشباب نحوه من خلال تعاون القطاع العام والخاص وتغيير هذه الثقافة تجاهه من خلال الإعلام. صنايعى.. وأمى تقول يسرية أحمد -طالبة فى الصف الثالث الثانوى الصناعى-: "أريد أن أعرف ما الفرق بين الثانوى العام والصناعى، مش ده تعليم وده تعليم، لماذا دائما يقولون إن الثانوى العام أعلى، أنا أريد أن تتساوى مدرستى بجميع المدارس، عاوزة تعليم حقيقى مش فوضى"، بينما يقول عطية السيد -25 عاما-: "أنا خلصت دبلوم زراعة ودلوقتى باشتغل سواق ميكروباص، لكن المشكلة أنى مابعرفش أقرأ ولا أكتب كويس يعنى مافيش فرق بينى وبين اللى مارحش مدرسة خالص". أما ريهام -22 عاما- فتقول: "أنا مخلصة دبلوم صنايع من 4 سنين، ومافيش أى معهد قبلنى غير معهد سنتين خاص، وكنت مدمرة نفسيا، ولكن الحمد لله قدرت أصنع من الفشل نجاح وبقيت دلوقتى ضابط لاسلكى فى المطار، وليا هيبة الحمد لله، وحاليا باخد كورسات لغات، وبفضل ربنا أنا دلوقتى أحسن من أصحابى اللى فى كليات عالية وبأخذ مرتب حلو أوى". من الكتب الورقية إلى الآى باد ومن جانبه، يقول محمد يوسف شاهين -مستشار التعليم الصناعى بوزارة التربية والتعليم-: "أكثر ما يميز التعليم الفنى الصناعى، إنه يعلم الطالب مهنة بمجرد الانتهاء من الدبلوم يستطيع أن يمارسها؛ فمتاح للطالب أن يؤسس مشروعا صغيرا يديره ويصبح أفضل من خريج جامعة، ولكن هناك بعض العقبات التى تواجهنا مثل الموارد المالية، كما يوجد عجز فى المدرسين الكفاءة، وأيضا غياب الحارس الليلى؛ مما يؤدى إلى سرقة المدارس، كما أن التخصصات الموجودة فى المناهج عامة فلا يتمكن الطالب من الإلمام بكل شىء فى تخصص ما؛ لذلك سنعيد التخصص الدقيق الذى يوازى مهنة فى السوق، فعندنا تخصص "السيارات" الذى سنجزئه ليصبح: سمكرة وكهرباء لكى يجيد الطالب الحرفة، خاصة أنه لا يتاح لدينا فى مصر العمل فى شركات كبرى كما هو فى الدول المتقدمة". ويضيف المهندس سرور إبراهيم -مدير إدارة التعليم الصناعى-: "نحن نعمل على تطوير التعليم الصناعى؛ فالمعدات القديمة والمتهالكة سيتم بيعها بالتعاون مع وزارة المالية، بحيث ناتج البيع يعود إلى الإدارة العامة للتعليم الصناعى، أما ما يجدى فيها الإصلاح فسيتم عمل صيانة لها، وسيتم شراء معدات حديثة، ولرفع كفاءة الطالب سنقدم تدريبا فى المصانع ومراكز التدريب الخاصة بالوزارة، كما يجرى دراسة مشروع تصنيع خمس وعشرين ألف آى باد لتنزيل المناهج عليها والقضاء على فكرة الكتب الروتينية، وبذلك ستكون سهلة التطوير، وستكون فى أيدى الطلبة فى العام الدراسى الجديد، ولكن الأهم لدينا هو حضور الطالب الذى نعمل من أجله؛ لأن نسبة الحضور فى المدارس ضئيلة". التعليم الزراعى والتجارى وعن التعليم التجارى، يحدثنا عاطف عبده -مستشار التعليم التجارى بالوزارة- بأنه فى تطور مستمر ومتلاحق، ويقول: "ينقسم إلى تخصصات كثيرة منها الشئون القانونية التى يمكن لطالب فيها أن يعمل فى المحاكم ومكاتب المحاماة، وفى التأمين يمكن أن يعمل فى جميع شركات التأمين، أما التعليم الفندقى فيمكن للطالب من العمل فى أثناء الدراسة؛ حيث يتم التعاقد مع شركات كبرى لتدريب الطلبة وتعينهم بعد الدراسة بمرتبات عالية، ولكن من التحديات التى تواجهنا هى النظرة الدونية للتعليم الفنى، فلا بد أن ننشر ثقافة العمل الحر واليدوى عبر الإعلام". ويقول حسن رشوان مشعل -مستشار التعليم الزراعى بوزارة التربية والتعليم-: "التعليم الزراعى به الكثير من المجالات، ويمكن للطالب عمل مشروع صغير يكسب منه بأقل التكاليف، ومنها استصلاح الأراضى والمكينة الزراعية، وأيضا صناعة الألبان والجبن، ومجال تكنولوجيا إنتاج وتصنيع الأسماك، فبذلك يتاح للطالب عمل مشروع صغير وناجح، ولكن توجد أمامنا بعض المعوقات، منها مجموع طالب الإعدادى المتدنى، فيكون معظم الطلبة مستواهم ضعيفا فى القراءة والكتابة، كذلك التباطؤ فى تطوير المناهج".