أحيت زيارة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لغزة، الأمل لدى الفلسطينيين في إنهاء انقسامهم السياسي المتواصل منذ عام 2007 ما بين الضفة الغربية والقطاع، بعد أن ملوا الاتفاقات التي توقع بين طرفي النزاع "فتح وحماس" ولا تطبق على أرض الواقع. واختتم مشعل ووفد قادة حماس في الخارج زيارتهم للقطاع، مساء أمس، والتي امتدت أربعة أيام، ووصفتها حماس بالتاريخية. وعقد مشعل خلال زيارته تلك التي حظى خلالها باستقبال غير مسبوق 8 لقاءات علنية "بح صوته" خلالها، وكان المطلب الملح من فلسطينيي غزة وقيادات الفصائل هو ضرورة تطبيق المصالحة. وأكد مشعل أكثر من مرة حرصه الشديد على تنفيذ بنود المصالحة، وشدد على أنه "آن الأوان لطي صفحة الانقسام، واعدا بالسير على طريق المصالحة الفلسطينية ومعه قادة حماس في الداخل والخارج". وكشف عن لقاء قريب "لم يحدده" سيعقد في القاهرة بين قادة الفصائل برعاية مصرية لتنفيذ بنود المصالحة فيما توقع قيادي بحركة حماس- في تصريح خاص لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط- أن يعقد هذا اللقاء بعد أوائل يناير المقبل. ووقعت عدة اتفاقات للمصالحة، كان أحدثها في فبراير 2012 بالدوحة لتشكيل حكومة توافق، سبقها اتفاق القاهرة في مايو 2011، ووقع أول اتفاق في فبراير 2007 في مكةالمكرمة. وحمل مشعل وبشدة على الانقسام، ووصفه بأنه مرفوض دينا وعقلا.. مستنكرًا وجود حكومتين في الأراضي الفلسطينية "حكومة بغزة وأخرى في الضفة". وأعرب الدكتور رباح مهنا مسئول ملف المصالحة المجتمعية في المصالحة الفلسطينية "أعقد ملفاتها" عن عدم تفاؤله بأن يترجم كلام مشعل على أرض الواقع. وأوضح مهنا في تعقيب لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط أن مشعل في أحد خطاباته رفع سقف مطالب حماس، مثل حديثه عن برنامج سياسي موحد يستند إلى المقاومة المسلحة والجهاد، وهو ما يتعارض مع برنامج فتح الذي يقوم على المقاومة الشعبية. وكان مشعل قد أكد- خلال مهرجان انطلاقة حماس- "مستعدون للتوافق السياسي الفلسطيني على برنامج سياسي يقوم على الثوابت الفلسطينية والمقاومة، فقد جربنا المفاوضات ولم ننجح، لذلك نريد البحث عن خيارات مفتوحة نراهن فيها على المقاومة التي ستظل العمود الفقري لبرامجنا". أبدى مهنا اعتقاده بألا يلقي كلام مشعل عن خيار المقاومة شرطا لبرنامج سياسي فلسطيني واحد لقبول الرئيس محمود عباس "أبو مازن" الذي أكد في الأممالمتحدة مؤخرا تمسكه بالمقاومة الشعبية. وقال مهنا "إن زيارة مشعل بهذا الحجم وانتصار المقاومة بغزة وما تلاها من زيارات متتالية لوفود عربية كبيرة للتهنئة رفع معنويات قادة حماس بغزة، ما قد يؤدي إلى تمسكهم بالحكومة في غزة". وأضاف "كلام مشعل عن المصالحة جاء معبرا إلى حد ما عن المطلب الشعبي"، معربًا عن أمله في تنفيذ ذلك، وألا تتحقق شكوكه. وتوقع المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أسعد أبو شرخ البطء في تطبيق المصالحة، إلا أنه رأى أن الأمور بشكل عام تتجه إيجابًا بعد زيارة مشعل، وسيتم تفكيك الانقسام الفلسطيني ولن يعود بشكله الحالي. وقال أبو شرخ "إن زيارة مشعل لغزة بتسهيلات مصرية تؤكد حرص القاهرة على وحدة الصف الفلسطيني ما قد يؤدي إلى تحقيق ذلك. ورأى أن الرئيس محمود عباس "أبو مازن" سيسعى جديًّا لإنهاء الانقسام وتوحيد الشعب الفلسطيني، خاصة وأن إسرائيل وأمريكا لم تعطه شيئا.. داعيا إلى دعم عربي واسع للسلطة ضد أية محاولة ابتزاز لعباس. ولفت أبو شرخ إلى تأييد قيادات كبرى في حركة حماس "مشعل وهنية" لخطوة توجه السلطة نحو الأممالمتحدة بعد معارضة وانتقادات عنيفة، بخلاف تقارب ملحوظ بين الحركتين مؤخرا. وسمحت السلطة في الضفة لحركة حماس أمس بإقامة مهرجان انطلاقتها، كما أعلنت فتح عزمها إقامة مهرجان انطلاقتها في غزة المقرر في أول يناير المقبل لأول مرة منذ سيطرة حماس على القطاع بالقوة المسلحة في منتصف 2007. أما الدكتور فايز أبو عيطة المتحدث باسم حركة فتح بغزة فقال لوكالة أنباء الشرق الأوسط تعليقًا على تأكيد مشعل التمسك ببرنامج المقاومة، إنه بالحوار من الممكن أن تصل الحركتين إلى برنامج يقوم على قواسم مشتركة. واعتبر حديث مشعل عن المصالحة يدلل على وجود مؤشرات قوية لديه في تحقيق ذلك، مضيفًا أن حركته لديها الجدية أيضا في تحقيق ذلك التي تدرك أهميتها لصالح الشعب الفلسطيني للتفرغ لمواجهة الاحتلال. وأعلن الرئيس عباس قبل يومين أن هناك أرضية للمصالحة واتفاقات موجودة تحتاج فقط إلى التنفيذ، وأهم نقطة فيها هي إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.