تمر التعديلات التى طرأت على قانون الحريات النقابية رقم 35 لسنة 1976، التى أدخلها خالد الأزهرى -وزير القوى العاملة والهجرة- وصدق عليها مجلس الوزراء، بمرحلة "عنق الزجاجة"، بعد أن وصلت إلى المحطة النهائية وهى رئاسة الجمهورية، حيث تنتظر تلك التعديلات موافقة أو عدم موافقة الرئيس محمد مرسى، عليها خلال الأيام القليلة المقبلة. وكان وزير القوى العاملة والهجرة قد أجرى عدة ورش نقاشية بمشاركة الدكتور محمد محسوب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية، مع عدد من الخبراء والقيادات العمالية المختلفة، أنتجت مجموعة من التعديلات على قانون الحريات النقابية الحالى. أول تلك التعديلات مد الدورة النقابية 2006-2011، التى تم مدها مرتين قبل ذلك على يد المجلس العسكرى إبان الفترة الانتقالية لما بعد ثورة يناير، ونظرًا لضيق الوقت فكان يجب مد الدورة النقابية 6 أشهر أخرى، وتأجيل الانتخابات العمالية، نظرًا لغياب التشريعات المناسبة لإجراء انتخابات نزيهة نتيجة وجود أكثر من عوار على قانون الحريات النقابية رقم 35 الحالى. إلا أن التعديلات السابقة لم تسبب جدلا بقدر ما سببته تلك التعديلات التى اقترحها الأزهرى والمتعلقة بإقالة النقابيين العماليين ممن تخطوا سن ال60 عامًا، حيث نصت تلك المادة على أنه:إذا خلا محل أحد أعضاء مجلس إدارة المنظمة النقابية لبلوغه سن المعاش أو بسبب العجز لأى سبب آخر يحل محله المرشح التالى له فى عدد الأصوات. إضافة إلى التعديل الخاص بأن تلتزم وزارة القوى العاملة والهجرة ومديرياتها بقبول إيداع أوراق التنظيمات النقابية فى المنشآت والمؤسسات التى لا يوجد بها تنظيمات نقابية عمالية، ولا يجوز للعامل أن يجمع بين عضوية منظمتين نقابيتين فى المستوى ذاته. وشهدت تلك التعديلات شدًا وجذباً كبيراً لدرجة دفعت رئاسة الجمهورية إلى تشكيل لجنة للنظر فى كافة الجوانب الخاصة بالتعديلات وعلاقته بالقوانين المحلية والدولية والظروف الراهنة، واستعانت الرئاسة فى تلك اللجنة برأى بعض الخبراء المحليين والدوليين المحايدين فى مجال العمل والقانون، حيث سيكون قرار الرئاسة ملزما للجميع. ودافعت الحكومة الممثلة فى مجلس الوزراء على قرارها بالتصديق على تعديلات وزير القوى العاملة، على لسان الوزير نفسه، بأن هذه التعديلات الغرض منها إنقاذ الحياة النقابية من الغرق، حيث وقعت بين مطرقة الانتخابات العمالية التى حان موعدها، وسندان عدم وجود واقع عمالى ونقابى مناسب لإجراء انتخابات عمالية تتناسب مع ثورة يناير. كما أوضح الوزير أيضاً أن تعديلاته تستهدف تجديد الدماء داخل الجسد النقابى، نظراً لحالة الكساد التى أصابته نتيجة لسيطرة مجموعة من الأشخاص على مجرياتها، وأكد على أن التعديلات تستهدف فتح الباب أمام القيادات النقابية الشابة فى المقام الأول. إلا أنه يبدو أن تلك التعديلات لم تنل إعجاب العديد من المؤسسات العمالية سواء كانت عامة كالاتحاد العام لنقابات عمال مصر أو مستقلة كالاتحاد المصرى للنقابات المستقلة. فالأول شرع فى إعداد مذكرة استعدادا لتقديمها إلى الرئيس محمد مرسى فى أقرب فرصة لمنع إقرار التعديلات، كما أقام الاتحاد دعاوى قضائية ضد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير القوى العاملة، لمخالفتهم الاتفاقيات الدولية التى تمنع تدخل الحكومة فى العمل النقابى. ذلك الموقف يعود إلى تضرر أكثر القيادات العمالية داخل أرجاء الاتحاد العام والنقابات العامة من المادة الخاصة بإقالة من تخطى سن الستين عاما، حيث ستطال تلك المادة نحو عشرة من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد، وحوالى مائة من رؤساء النقابات العامة. ولم يقف موقف الاتحاد العام عند هذا الحد فقط، بل أعلن الاتحاد عن استعداده للتضامن مع النقابات المستقلة على الرغم من العداوة القديمة بين الجانبين. وجاء موقف المؤسسات المستقلة على لسان كمال أبو عيطة- رئيس الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة، والذى هدد فى حالة موافقة الرئيس على مشروع وزير القوى العاملة، باللجوء إلى كل الطرق السلمية للدفاع عن حقوق العمال. وأكد أبو عيطة أن الإضراب العام للمطالبة بإصدار قانون الحريات النقابية ووقف التعسف ضد العمال سيكون آخر المحطات التى سيتم اللجوء إليها، كما طرح أبو عيطة حلول الاستعانة بالمنظمات الدولية سواء الشركات الدولية التى لها سلع احتكارية أو المنظمات الدولية المهتمة والمختصة بالشأن العمالى. ويعود الموقف العدائى للمؤسسات المستقلة لتلك التعديلات فى الأصل إلى محاولة وزير القوى العاملة إلى تقنين عملية إشهار النقابات المستقلة، نظرا لحالة العشوائية التى عمت تلك النقابات مؤخرا، خاصة داخل المنشآت العمالية، وهو الأمر الذى تسبب فى ارتفاع وتيرة الإضرابات نظرا لتضارب مصالح النقابات مع بعضها البعض.