قالت دراسة إن العمل غير المنظم دون عقد أو تأمينات فى القطاع الخاص أصبح هو الطابع الأساسي لسوق العمل المصري، ويعمل به من يطلق عليهم "أرزقية"، و40% من الوظائف بالقطاع الخاص بأجر تعتبر وظائف أرزقية، وهى من أدنى أنواع الوظائف التى لا تحقق للعامل حماية اجتماعية وليس لها أي ثبات ومرتبطة بالفقر. وخلصت الدراسة -التي أجراها الدكتور راجي أسعد، وأجريت على أوضاع سوق العمل فى مصر بعنوان "تحليل ديناميكي لسوق العمل فى مصر"- إلى أن العاملين فى الوظائف أو المهن التي تحتاج إلى شهادات جامعية فى القطاع الخاص نسبتهم 60%، وهذا يعنى أن 40% ممن يحملون شهادات جامعية يعملون فى وظائف لا تحتاج هذه الشهادات. وأن 20% من خريجى الجامعات يعملون بقطاع التجارة، بينما 7% فقط من خريجى الجامعات يعملون بقطاع المعلومات والاتصالات والبنوك، وهو القطاع المفترض أن يكون قاطرة تشغيل الخريجين فى القطاع الخاص. ارتفاع مستويات البطالة وأكدت الدراسة -التي تمت مناقشتها خلال الفترة الماضية في عدة مراكز بحثية ومنتديات ثقافية واقتصادية- أن الاقتصاد المصري لا يخلق فرص عمل بمعدل كافٍ أو بجودة كافية، وأن معظم الفرص تنتجها المنشآت الصغيرة ذات طابع غير رسمي. وأن المشكلات التي يعانى منها سوق العمل فى مصر تتمثل فى ارتفاع مستويات البطالة، خاصة بين المتعلمين وخريجي الجامعات والإناث، ووجود درجة كبيرة من اللارسمية فى المنشآت والعمل، وعدم المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل. وأضافت أن الشباب وأسرهم يعتقدون أن الحصول على الشهادة الجامعية هو السبيل نحو الحصول على وظيفة حكومية؛ لأن القطاع الخاص لا يخلق فرص العمل التى تناسب خريج الجامعة، وتتوافق مع تطلعات الشباب، بينما هذه الشهادة تحقق درجة منخفضة من المنفعة عند العمل بالقطاع الخاص؛ لأن مخرجات نظام التعليم فى مصر لا تتوافق مع متطلبات سوق العمل، وتحولت الشهادة إلى نوع من الوجاهة الاجتماعية عند الزواج. المؤسسات الكبرى واستعرضت ورقة اقتصادية للدكتور أحمد ذكر الله بالمعهد المصري للدراسات انخفاض مساهمة القطاع الخاص «المنشآت الكبيرة» فى توفير فرص العمل، التي تقتصر نسبتها على 20% فقط من الوظائف الجديدة بالسوق، والنسبة الباقية تعمل بمنشآت صغيرة أو خارج المنشآت، ونسبة العاملين خارج المنشآت مثل سائقي الأجرة أو العاملين فى الشوارع وغيرهم زادت إلى 60% من سوق العمل بالقطاع الخاص. أكثر قطاعات العمل بالقطاع الخاص التى تخلق فرص عمل تتمثل فى قطاعات النقل والتشييد والبناء والتجارة خاصة الداخلية، ويسيطر التشييد والبناء على ربع وظائف القطاع الخاص فى مصر، رغم أنه لا يخلق وظائف مستدامة أو مستقرة وتكون مرتبطة بانتهاء بناء المشروع، بينما قطاعات الصناعات التحويلية والمعلومات والاتصالات والقطاع المالى تشكل نسبة محدودة جدًا فى التشغيل. العقارات والبطالة وكشفت الدراسة أن نمو الاقتصاد المصرى ركز خلال الفترة الماضية على قطاع العقارات الذى يوفر فرص عمل مؤقتة، ولا بد من توجيه الاقتصاد إلى تركيز الاستثمارات على القطاعات التى تخلق فرص عمل كثيفة ومرتفعة الكفاءة. ونصحت بأن زيادة النمو الاقتصادي لقطاع التشييد والبناء فى مصر تفسر زيادة نسب البطالة؛ لأن فرص العمل التى يخلقها هذا القطاع غير منتظمة، وهى قضية محورية، كما أن قطاع التجارة لا يخلق دخلاً مناسبًا، ودعت الدراسة لتشجيع قطاعي الصناعة والقطاع المالى اللذين يخلقان فرص عمل تناسب خريجى الجامعات فى مصر؛ ﻷن خلق فرص عمل فى قطاع النسيج أمر مهم بالنسبة لمصر. وطالبت الدراسة بتعزيز دور القطاع الخاص، حيث يلاحظ فى الفترة الماضية عودة دور الدولة فى النشاط الاقتصادي مرة أخرى بصورة كبيرة، وألا يقتصر النمو الاقتصادي على قطاع التشييد والبناء، وكذلك إلى تعديل هيكل نمو الناتج المحلى اﻹجمالى فى مصر؛ ﻷن الاقتصاد يحتاج إلى نمو كثيف التشغيل وكثيف رأس المال، أيضاً، لمحاربة الفقر، وزيادة مستوى المعيشة، ويجب الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية. التعليم فى حد ذاته مشكلة كبيرة، لذا يخرج سوق عمل غير صحى؛ لأن الطلب على العمالة ينتج عن الطلب على السلعة أو الخدمة ومشكلة التشغيل ليست داخل سوق العمل، ولكن من سياسات الدولة ونوعية الاستثمار، وإصلاح هذه السياسات.