قالت مصادر حكومية انقلابية إن العقود الفنية الموقعة بين مصر وروسيا بشأن تنفيذ محطة الضبعة النووية تحمل مشكلات وثغرات فنية ومالية وأمنية كثيرة. وأضافت -في تصريحات صحفية- أن قسم التشريع بمجلس الدولة وجهات حكومية وأمنية أخرى تحفظت على العقود الفنية، إلا أن المؤسسات السيادية الانقلابية صرفت النظر عن تلك الملاحظات، وأبدت حماسا شديدا في إطلاق المشروع. وأكدت المصادر -التي طلبت عدم الكشف عن اسمها- أن لغة العقود فضفاضة لدرجة كبيرة، ما يعني أن مصر تقبل بمسئوليات بمهمة لها عواقب بالغة الصعوبة أمنيا وماليا؛ إذ إن العقد لا يحمل لغة صريحة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع النفايات النووية أو الجهة المسئولة عن هذا أو من يتحمل تكاليفها. ولا يحدد العقد الحالات التي يحق لمصر اللجوء للتحكيم الدولي إذا أخلت روسيا بمقررات العقد، بينما يمنح العقد روسيا الحق في ذلك إذا اتصل الأمر بالتزامات مصر بمقتضيات الإنشاء والتمويل والتأمين. وتعتبر نسبة الفائدة على القرض إذا تأخرت عن سداد الأقساط هي نسبة شديدة الارتفاع، كما تعتبر ضمانات القرض مكلفة للغاية. كما يمنح العقد روسيا الحق في القيام بعملية الإنشاء من خلال العمل المباشر أو الاستعانة بجهات حكومية أخرى "روسية أو أجنبية"، مع التزام مصر بتقديم تسهيلات لأية جهة تصل لاتفاق مع الجانب الروسي. كما تتضمن العقود منح روسيا الحق المطلق في تحديد مستوى المعلومات السرية للغاية، التي يُبلغها الروس للمصريين بحسب تقدير حاجة مصر للمعلومات، ما يعني أن الفنيين المصريين لن يحق لهم التساؤل عن أي تفاصيل أو دراسات. وعقب التوقيع على العقود التجارية اللازمة للشروع في أعمال إنشاء محطة الضبعة، أوضحت شركة "روس آتوم" الروسية، في بيان تداولته صحيفة "إر بي كا"، أن العقود الموقعة في إطار زيارة بوتين تشكل "أكبر صفقة في تاريخ قطاع الطاقة النووية" على مستوى العالم، وأكبر اتفاقية للصادرات غير النفطية في تاريخ روسيا. وقدّر رئيس "روس آتوم"، أليكسي ليخاتشوف، قيمة المشروع بنحو 21 مليار دولار، على أن يتم استكمال أعمال بناء الوحدات الأربع بحلول عام 2028 أو 2029. ووقّعت موسكووالقاهرة، في 19 نوفمبر 2015، اتفاقية مبدئية لبناء وتشغيل المحطة، ومنذ ذلك الوقت يقول الجانبان إنه تجري مناقشة الصيغة النهائية للعقد. وحول آفاق التحقيق الفعلي للمشروع على الأرض، يرى خبراء أنه "لا يمكن ضمان ذلك، إذ إن هناك سوابق لتأخر بناء محطات نووية لسنوات طويلة، واستبدال الشركة المنفذة، كما هو حال محطة بوشهر في إيران. وبدأت مصر برنامجها النووي في السبعينيات من القرن الماضي. لكن عقب كارثة تشيرنوبل في الاتحاد السوفييتي عام 1986 التي أسفرت عن أكبر تلوث إشعاعي في التاريخ، جمدت مصر، شأنها في ذلك شأن غيرها من الدول، مشروعها النووي، وسط تساؤلات حول مدى أمان الطاقة الذرية. وبعد مرور أكثر من عقدين على الكارثة وتدارك الأخطاء في الأجيال الجديدة من المفاعلات النووية وتشديد معايير الأمان، توجه العديد من الدول لاستئناف مشاريعها النووية. وفي عام 2008، أعلن الرئيس المخلوع حسني مبارك، استئناف البرنامج النووي المصري، قبل أن يحسم في عام 2010 جدلاً حول موقع أول محطة نووية ويعلن اختيار منطقة الضبعة لإقامتها. وكان من المقرر أن يتم الإعلان عن مناقصة لبناء المحطة قبل نهاية عام 2010، ثم تم إرجاؤه إلى بداية 2011. إلا أن سقوط نظام مبارك وما تلاه من اضطرابات سياسية وأمنية أدى إلى إرجاء المشروع، قبل أن تتكثف المفاوضات مع روسيا منذ بداية عام 2015، بالتزامن مع زيارة بوتين إلى القاهرة.