جاء قرار زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، مساء اليوم السبت 28 أكتوبر2017م، بالإطاحة بصهره الفريق محمود حجازي من رئاسة الأركان، وتعيين الفريق محمد فريد حجازي رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة، مفاجئًا لكثير من المحللين والمراقبين؛ ذلك أن معظم المؤشرات كانت تشير إلى بسط نفوذ حجازي على حساب وزير الدفاع صدقي صبحي، الذي تراجع دوره إلى حد كبير. ويعزو مراقبون أسباب الإطاحة المفاجئة إلى حالات الرفض الواسع، والتذمر بين صفوف الضباط بالقوات المسلحة، الذين يغضبهم بسط زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي والمقربين منه عائليًا على مفاصل الجيش، وعلى رأسهم رئيس الأركان الذي تمت الإطاحة به، الليلة، والذي كان يهمين على معظم الملفات الحساسة داخل الجيش، وفي علاقات الجوار مثل الملف الليبي، إضافة إلى تهميش دور وزير الدفاع صدقي صبحي، منذ مسرحية الرئاسة منتصف 2014م. وتضمن قرار الإطاحة تعيين حجازي مستشارًا لرئيس الانقلاب للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات، بينما كان رئيس الأركان الجديد يشغل منصب مساعد وزير الدفاع. رئاسة الأركان حكر على "أولاد حجازي" ولكن اللافت أيضا أن رئيس الأركان الجديد "محمد فريد حجازي" من نفس عائلة رئيس الأركان المقال «محمود حجازي»، وهو أيضا صهر زعيم الانقلاب، ما يعني أن السيسي لا يمكن أن يفرط أبدا في منصب رئيس الأركان إلا للمقربين منه؛ لحساسية المنصب الذي يكون مسئولا عن جميع تحركات الجيش والقطع العسكرية، في ظل مخاوف زعيم عصابات العسكر من انقلاب عسكري عليه، مع تواصل الفشل في جميع الملفات، في ظل تنامي مشاعر الغضب والرفض الواسع لسياساته. الملاحظة الأخرى الجديرة بالرصد، أن الإطاحة بمحمود حجازي تأتي بعد يومين فقط من عودته من الولاياتالمتحدةالأمريكية، بعد مشاركته في اجتماعات رؤساء أركان الجيوش المشاركة مع واشنطن في الحرب ضد الإرهاب، التي شارك فيها إلى جانب حجازي رؤساء أركان الاحتلال الصهيوني والسعودية والإمارات، بالإضافة إلى عدد من الدول الأخرى. هل تم اتهام حجازي بالتقصير؟ وجاء القرار بعد أن عقد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت، اجتماعًا ضم الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع، ومجدي عبد الغفار وزير الداخلية، وخالد فوزي رئيس المخابرات العامة، واللواء أركان حرب محمد فريد حجازي مساعد وزير الدفاع. وصرح السفير علاء يوسف، المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الانقلاب، أن الاجتماع جاء في إطار متابعة التطورات الأمنية في البلاد، وجهود ملاحقة "الجماعات الإرهابية"، بعد أن اطّلع الرئيس على تقارير بشأن التدابير الجاري اتخاذها لضمان تأمين الحدود البرية والبحرية للبلاد، وإحكام السيطرة على المنافذ والمعابر، حيث وجه باستمرار تحلي جميع الأجهزة المعنية بأعلى درجات الاستعداد لمواجهة الجماعات الإرهابية وملاحقتها، بالنظر إلى التحديات الأمنية في المنطقة ومخاطر الإرهاب المتزايدة. وهي التصريحات التي يفهم منها أن هناك تقصيرا واسعا من جانب رئيس الأركان المطاح به، أو أن هناك خفايا تتعلق بحادث الواحات في ظل الحرب القائمة بين مراكز القوى في الدولة، وسط اتهامات بأن الجهة التي نفذت حادث الواحات، الأسبوع الماضي، وأسفر عن مقتل 58 من ضباط وعناصر الشرطة، وفق وكالة رويترز، هي جهة احترافية على قدر عال من التدريب والتسليح، وهو ما لا يتوافر إلا لأجهزة الدولة. يشار إلى أن أنباء كانت قد ترددت حول توجهات رئيس الانقلاب نحو الإطاحة بصدقي صبحي من وزارة الدفاع؛ على خلفية شائعات عن عرض صبحي على الإخوان الإطاحة بالسيسي وتحميله كل مظالم الانقلاب، وأن يتحمل هو المسئولية بدعم من الجماعة، إلا أن المادة "234" من دستور العسكر تحصن وزير الدفاع من الإقالة لمدة 8 سنوات، في إطار الصفقة المبرمة بين السيسي وصبحي، والتي اقتضت أن يتولى الأول منصب الرئاسة، والثاني قيادة الجيش. وكانت مصادر قد كشفت لصحيفة "العربي الجديد" أن "السيسي منذ وصوله للحكم قام بمساعدة صهره في تفكيك ما يمكن تسميته بمراكز القوى داخل المجلس العسكري، والذين تربطهم بصدقي علاقات قوية، وإحالة معظمهم للتقاعد أو إحالتهم لمناصب لا قيمة لها، مثل الفريق عبد المنعم التراس، قائد الدفاع الجوي، والذي كان يرتبط بعلاقات جيدة بالقوى السياسية منذ أن كان عضوا بالمجلس العسكري، إضافة إلى اللواء أحمد وصفي، قائد الجيش الثاني الميداني السابق". وفي نفس السياق، أفادت مصادر إعلامية بأن "الدائرة المقرّبة من السيسي، بدأت تُسرّب للإعلاميين المحسوبين على النظام، أنباء عن تواصل وزير الدفاع، منذ عامين، مع قيادات من جماعة الإخوان المسلمين بالسجون والمعتقلات، بشأن المصالحة مع الجماعة". وأضافت المصادر أن "الهدف من التسريب، هو الضغط على المقرّبين من صبحي، لإبعادهم عن اتخاذ مواقف متشددة، إذا ما تم التفكير في عزله، بالإيحاء بأنه ربما كان يخطط لإحداث انقلاب أبيض داخل النظام".