يتوقع محللون أن يُطلق مجلس الشورى السعودي رصاصة الرحمة على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعد أن قدّم ثلاثة من أعضاء المجلس توصيات بتغيير طبيعة المهمات التي تقوم بها الهيئة. الحديث هذه المرة لا يتعلّق بنزع المزيد من صلاحياتها أو تقليص رقعة نفوذها وسطوتها داخل المشهد السعودي، كما فعل مجلس الوزراء قبل نحو عام ونصف، بل تعداه لوضعها تحت مظلة وزارة الشئون الإسلامية، المعنية أساسا بالإشراف على الأوقاف والمساجد في بلاد الحرمين. وبرر مقدمو الطلب الخطوة المنتظرة بأنها إجراء تنظيمي لا أكثر، فالهيئة التي اعتبرت لعقود المؤسسة الأبرز في الدفاع عن الهوية المحافظة للدولة، وعن نسختها الخاصة من التدين والالتزام، وبأنها الحصن المنيع الذي يحمي المجتمع السعودي من الانزلاق وراء البدع والانحرافات، تبين اليوم أنها فائضة عن الحاجة. وبحسب تقرير بثته "الجزيرة"، قال الأعضاء الثلاثة، إن النظام الأساسي للحكم في السعودية ينص على أن الدولة ككل تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لا أن يكون هناك جهاز واحد مختص بهذا الشأن. أما منتقدو هذه الخطوة فرأوا فيها نزوعا نحو العلمانية في إطار تغييرات كبيرة تشهدها المملكة. ورأى خبراء أن توقيت الخطوة يوحي بأن التخلص من الشرطة الدينية في السعودية يحمل في طياته دلالات أوسع، بالرغم من أن الهيئة ورجالها كانوا دائما في مرمى الانتقادات القاسية والاتهامات بتنفير الناس من التدين، وبالإساءة حتى لجوهر فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن خطوة مجلس الشورى لا تبدو مرتبطة بإصلاح الهيئة أو تصحيح مسارها فقط، بقدر ما تبدو استجابة ملحة لمساعي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإلباس السعودية ثوبا جديدا، يقطع الصلة بالماضي ويقدمها للغرب في صورة جديدة من خلال إحداث تغييرات جوهرية في هوية المجتمع، عبر زيادة جرعة الانفتاح والتحرر، وربما العلمنة كما سبق وبشر بذلك يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن، حين تحدث عن حكومات علمانية حتى في بلاد الحرمين.