بعد الارتفاع الجنوني لمعدلات التضخم في شهر يوليو الماضي، والذي بلغ 34.2% وفقا لجهاز التعبئة والإحصاء، بينما وصل إلى 35% وفقا للبنك المركزي، فقد عدّد خبراء 5 أسباب وراء هذا الارتفاع، محذرين من التداعيات الكارثية لمعدلات التضخم المرتفعة، سواء على مستوى المواطنين أو المستثمرين وبيئة الاستثمار عموما. وأرجع اقتصاديون وصول معدل التضخم لهذا المستوى إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها زيادة أسعار البنزين والكهرباء والمياه فى شهر يوليو، وفشل الإدارة الاقتصادية لحكومة الانقلاب، فضلا عن الزيادة المفرطة في طباعة النقود بدون إنتاج حقيقي أو رصيد. وتوقعت حكومة الانقلاب ارتفاع معدل التضخم بنسبة تتراوح بين 4 إلى 5%، بعد رفع أسعار الوقود نهاية يونيو، بنسبة وصلت إلى 55%، و100% بالنسبة للغاز المنزلي. كما رفعت في 6 يوليو الماضي، أسعار الكهرباء للاستخدام المنزلي بنسبة وصلت إلى 42.1%، وأسعار المياه بنسبة وصلت إلى 70%، ما سينعكس على معدل التضخم؛ لدخولها في إنتاج غالبية السلع الأساسية. ويعزو الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، أسباب ارتفاع معدلات التضخم إلى زيادة أسعار الخدمات مؤخرا، فى شهر يوليو، والتى بدأت الحكومة تطبيقها بأسعار البنزين ثم الكهرباء وبعدها المياه. واعتبر سرحان- في تصريحات صحفية- أن ذلك يُعد دليلا على عدم استقرار البلاد، مرجحًا أن يكون "المركزي للإحصاء" قد تعمد الإعلان عن نسبة أقل من الحقيقة لمعدلات التضخم. وأوضح سرحان أن وصول معدلات التضخم إلى 20%، يعني أنها أصبحت ذات ظروف خاصة، مثل الحروب والأوبئة، ولكننا فى مصر لا نعانى من حروب أو أوبئة، ولذلك فإن هذه المعدلات ناتجة عن فشل الإدارة في الملف الاقتصادي. وكشف الخبير الاقتصادي عن أن معدلات التضخم بهذا الحجم الكبير تصيب- بلا شك- المستثمرين بالرعب والخوف؛ لأن ذلك يعكس مؤشرا خطيرا على أوضاع الاقتصاد، ويشير إلى أننا دولة ليس لديها نظام اقتصادى مستقر، وإدارة اقتصادية تضع قوانين وأدوات تكبح هذا المعدل. وحذر من أن ارتفاع التضخم له انعكاسات خطيرة على مستوى المعيشة ومتوسطى الدخل؛ لأن ارتفاع الأسعار بنسبة 34% يعنى انخفاض الدخل بنفس النسبة، أى أن المواطن فقد 34% من ثروته، كما أن نسبة الفقراء ستزيد 10% على أقل تقدير، وستصل إلى 56%، فضلا عن ارتفاع نسبة البطالة نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج. رعب بين المستثمرين وبحسب وكالة رويتزر، فمن المتوقع أن يتزايد قلق المستثمرين في الأسواق المصرية من معدل التضخم المرعب، خاصة المستثمرين الأجانب أصحاب العملات المرتبطة بالدولار، والمستثمرين الأوروبيين أصحاب عملات اليورو. وعادة ما يؤدي ارتفاع التضخم إلى تآكل الأرباح بالنسبة للمستثمر الأجنبي، الذي يتخوف من انخفاض القيمة الحقيقية لرأسماله، وكذلك المداخيل التي يحققها من الاستثمار عندما يرغب في تحويلها من الجنيه المصري إلى عملات حرة. وقالت ريهام الدسوقي، من أرقام كابيتال، لرويترز: "الزيادة هذا الشهر بسبب زيادة التكاليف على الشركات بعد ارتفاع أسعار المواد الخام وزيادة أسعار الوقود". وأظهرت نتائج أعمال بعض الشركات الغذائية المقيدة في بورصة مصر، تدهور أرباح الشركات خلال الربع الثاني من هذا العام، بفعل قفزات معدل التضخم في البلاد، وارتفاع أسعار الفائدة، وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين. وتعد نسبة التضخم التى وصلت إليها مصر، خلال شهر يوليو الماضى، هى الأعلى منذ نوفمبر عام 1986، حين وصل معدل التضخم وقتها إلى 30٫6%. ومرت مصر بعدة أزمات في العقود الأربعة الماضية، أبرزها كانت في النصف الأول من الثمانينيات، حيث بلغ نقص الموازنة 18%، وفي النصف الثاني من الثمانينيات بلغ 23%، وفي 2003 بلغ 13%. وبلغ معدل التضخم 12%سنة 2011، وسنة 2012 ظل عند نفس النسبة، أما في أعوام 2013 و2014 و2015 و2016 فوصل إلى 13%، وظل عند نسبة 13% حتى يوم 2 نوفمبر 2016، لكن بعد قرار تحرير سعر الصرف، وصل التضخم في نهاية شهر ديسمبر 2016 إلى 23.3%. وبدأ معدل التضخم في الارتفاع بشكل كبير خلال النصف الأول من عام 2017، فوصل إلى 28.1% في يناير، و30.2% في فبراير بفارق أقل 0٫4 عن أعلى معدل للتضخم عام 1986، ثم تخطاها في شهر مارس ووصل 30.9%، وفي أبريل تخلف إلى 31.5% فى أبريل، وفي مايو 29.7%، وفي يونيو أحرز 30٫9%، ثم ارتقي في يوليو وفقا لبيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى 34٫2% وفقا للمركزي للإحصاء، و35% وفقا للبنك المركزي.