كشفت مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية، أن شركة "ويبر شاندويك" التي تعمل في مجال العلاقات العامة أبرمت صفقةٌ قيمتها 1.2 مليون دولار أمريكي سنوياً مع جهاز المخابرات المصرية، لتحسين صورة نظام الانقلاب الذي افتقد شرعيته خارجيا وداخليا بعد الانقلاب العسكري، في ظل حالة الغضب التي تملأ الشارع المصري بسبب رفع الأسعارورفع الدعم عن الغلابة، وتكميم الأفواه والحريات. ليكون هذا هو التعاقد الثاني الذي تبرمه حكومة الانقلاب والمخابرات مع شركات أجنبية لتحسين صورة النظام الفاشل. وقال تقرير المجلة المنشور اليوم الاثنين، إن جهاز المخبرات المصرية مشهور في الولاياتالمتحدة بتعاونه مع وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في تعذيب أعضاء القاعدة المشتبه بهم، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، والمتهم بالعمل سراً مع أجهزة أمن الداخلية للتلاعب بالانتخابات وقمع الأصوات المعارضة في مصر منذ الانقلاب الذي أتى بعبد الفتاح السيسي رئيساً في عام 2013. وكشف آفي أشر شابيرو "كاتب وصحفي مهتم بقضايا الشرق الأوسط، وحصل على جزء من دراسته في القاهرة بمصر، وشارك في تغطية الحرب الأهلية السورية" في تقرير في مجلة "ذي أتلانتيك" عن هذا العقد الذي أبرم بين المخابرات المصرية مع شركة "ويبر شاندويك"، أن قرار الشركة بالتعامل مع جهازٍ استخباراتي أجنبي يشتهر بالتعذيب والقمع، ولعب دوراً فعالاً في قمع السيسي لجماعة الإخوان المسلمين وجماعاتٍ أخرى، هو قرارٌ غير قويم يأتي في لحظةٍ حاسمة. وأوضح شابيرو أنه بعد أربعة أعوام من إطاحة السيسي بشرعية الرئيس محمد مرسي، يتلهف السيسي لتوطيد علاقاته بإدارةٍ أمريكية جديدة مستعدة للتغاضي عن سلطويته، وفي الوقت نفسه يتعطش لكسب أصدقاءٍ جدد في الكونجرس الأمريكي، الذي يُشرِف على حزمة المعونات الأمريكية الهائلة لمصر، قائلا: "يبدو أنَّ نظام السيسي قد وجد في ويبر شاندويك شركة علاقات عامة مستعدة لتكريس براعتها الفائقة في إيصال الرسائل من أجل ضخ أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، واستجلاب رضاهم عن قيادة السيسي الوحشية لأكبر دولةٍ عربية". ووقَّعت شركة ويبر وشركة الضغط "كاسيدي وشركاه"، وهي شركة "متخصصة" تابعة لويبر (وكلتاهما مملوكة لمجموعة شركات إنتر بابلك العامة)، اتفاقاتٍ مع مصر في أواخر يناير 2017، بعد 8 أيام من تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. وتعمل الشركتان مباشرةً تحت إمرة اللواء ناصر فهمي، المدير العام لجهاز المخابرات المصرية، وفقاً للأوراق المقدمة لوزارة العدل الأمريكية. وتروِّج الشركتان "للشراكة الاستراتيجية بين مصر والولاياتالمتحدة"، وتشددان على "دورها القيادي في إدارة القضايا الإقليمية". بعبارةٍ أخرى، ستكرر الشركة رسالة الحكومة المصرية نفسها: أنَّ تسليح الدولة المصرية السلطوية ودعمها ضروريان من أجل حفظ السلام. وأشار التقرير لتصريح الجنرال جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي الحالي، في أبريل 2016، بأنَّ "السبيل الوحيد إلى دعم تحول مصر إلى دولة مجتمعٍ مدني ديمقراطية هو دعم السيسي"، موضحا أن ترامب حتى الآن صديقٌ عزيز لحكومة السيسي، إذ دعا السيسي إلى البيت الأبيض بعد أعوامٍ من تجنب إدارة أوباما التعامل معه بشكلٍ وثيق. وقد قدم ترامب الكثير على مستوى السياسة. ورغم أنَّ تعهد ترامب بأن يضع "أميركا أولاً" ومقترحات الموازنة الأولية أشارت إلى تفكيره في تقليص حزمة المعونة العسكرية السخية لمصر، فإنَّه تخلَّى سريعاً عن هذه المهمة. وبدأت الشركة عملها لحساب مصر بإبداع اسمٍ دعائي جذاب، "مصر للأمام"، وإنشاء موقعٍ وحسابٍ على موقع تويتر ينشر بانتظام محتوىً من المقاطع المصورة والمقالات المتفائلة، التي تصف مصر بالبلد المستقر النابض بالحياة، الذي يسير قدماً نحو مجتمعٍ أكثر ديمقراطية واحتواءً. وكان التوقيت بالغ الأهمية، إذ كان من المقرر أن يناقش مجلس الشيوخ الأمريكي في الربيع حزمة مساعداتٍ قيمتها 1.5 مليار دولار للقاهرة، وسيقرر المشرعون ربطها بأوضاع حقوق الإنسان من عدمه. وكانت الحكومة المصرية تضغط بنفسها على واشنطن في هذا الوقت، من أجل استمرار "التمويل النقدي"، الذي يسمح لمصر بشراء الأسلحة من شركات التصنيع الأمريكية بالآجل. وكانت إدارة أوباما تأمل في إيقاف التعامل بهذه الآلية.