"احتياطي النقد الأجنبي المصري على جهاز التنفس ودائع الخليج"، بمجرد أن تنقطع الودائع والمساعدات القادمة من دول الخليج يتراجع احتياطي النقد الأجنبي في مصر وتحدث أزمة في الدولار بالسوق المحلي، فبعد ارتفاع وصل في نهاية شهر أبريل الماضي إلى 20.525 مليار دولار مقابل 15.291 في نهاية مارس، على خلفية تسلم مصر ودائع خليجية جديدة، أعلن البنك المركزي، اليوم الأحد، تراجع احتياطيات النقد الأجنبي إلى 19.559 مليار دولار في نهاية مايو 2015، وهو ما يعني انخفاضا بنحو 966 مليون دولار في قيمة الاحتياطي. ارتفاعات الاحتياطي النقدي ترتبط منذ الانقلاب العسكري بمساعدات الخليج وحسب، ففي حين تراجع الاحتياطي إلى أدنى مستوياته في مارس الماضي، جاءت ودائع خليجية بقيمة 6 مليارات دولار أواخر أبريل الماضي من السعودية والكويت والإمارات ، كان قد تم الإعلان عنها في إطار حزمة من المساعدات لنظام العسكر خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس. وتتراوح التزامات الديون الخارجية لمصر مستحقة السداد خلال عام 2015 بين 4.5 و 4.8 مليار دولار، تتضمن تلك الالتزامات رد الوديعة القطرية التي تستحق في أكتوبر البالغ قيمتها مليار دولار، بالإضافة إلى 1.25 مليار دولار سندات مصرية دولارية مصدرة بضمان الحكومة الأمريكية تستحق خلال العام الجاري. وحصلت مصر وفقا للحساب الختامي للعام المالي الماضي 2013/2014 الذي بدأ قبل الإنقلاب على الرئيس محمد مرسي بيومين، على 95 مليار جنيه (12.6 مليار دولار) منحا ومساعدات خارجية أغلبها من الإمارات والسعودية والكويت، إلا أن وزارة المالية في حكومة الانقلاب أعلنت في وقت سابق أن العام المالي الجاري 2014/2015، لن يشهد نفس الزخم من المنح التي وردت العام السابق. ويرى مراقبون أن نزيف احتياطي النقد الأجنبي بدا بعد ثورة يناير خاصة خلال فترة حكم المجلس العسكري بقيادة طنطاوي، مشيرين إلى أن المجلس العسكرى تسلم احتياطي نقد بقيمة 36 مليار دولار إلا أنه سلمه لحكومة الرئيس محمد مرسي 15 مليار دولا فقط، في حين يرى آخرون أن نزيف خسائر الاحتياطي لم يبدأ فقط منذ حكم المجلس العسكرى وإنما استمر طوال عقود من حكم العسكر لمصر، وأشاروا إلى أنه تم تكوين 22 مليارر دولار في عهد حكومة عاطف صدقي إلا أن هذا بدا في الانخفاض التدريجي بعد اتجاه الحكومة إلى التوسع في مشروعات قومية فاشلة كانت ظروفها غير مواتية ومع حدوث أزمة دول شرق آسيا تدهورت أسعار الصرف وأدى تدخل الحكومات المتعاقبة فى شئون الجهاز المصرفى وسياسات الائتمان مع بعض القرارات التى أدت إلى أزمات مستمرة كان نتيجتها عدم استقرار أسعار الصرف، وتدخل البنك المركزى لضخ الكثير من مليارات الاحتياطي الدولاري للمحافظة على استقراره، غير أن كل هذه المليارات ذهبت إلى حفنة المضاربين على الدولار في السوق السوداء، وأدى ذلك إلى انخفاض احتياطي النقد الأجنبي حتي بلغ 14.2مليار دولار عام 2004 في البيانات المعلنة من جانب الحكومة، بينما كان فعليا أقل من 9 مليارات دولار، وهو ما يشير إلى فقد مصر نحو 12 مليار دولار من احتياطياتها خلال فترة قياسية وجيزة بين 1997 وحتى عام 2004 أي خلال سبع سنوات فقط، وكانت قيمة الاحتياطات خلال هذه السنوات رغم الانخفاض بها تغطي نسبة كبيرة من شهور الواردات السلعية، فقد كانت في عام 2000 تغطي 10.2 شهر من الواردات وكانت في يونيو 2003 تغطي 12 شهرا من الواردات السلعية أزمة النقد الأجنبي في مصر دفعت حكومة الانقلاب إلى تحديد إيداع الكاش داخل البنوك بما لا يتجاوز 10 آلاف دولار، وهو الإجراء الذي تسبب في عاصفة من الانتقادات في أوساط المستوردين والمستثمرين.