وصفت صحيفة الجارديان البريطانية مجزرة الدفاع الجوي، التي راح ضحيتها 22 من مشجعي نادي الزمالك، بمؤامرة سياسية. وأجرت الصحيفة، في أحدث تقاريرها عن المجزرة، مقابلة مع بائع كان يجلس خارج مبنى المشرحة، ليلة الأحد الماضي، بينما كان يتم إدخال وإخراج جثث ضحايا الحادث. يقول سعد: إنه يعلم السبب وراء وفاة هؤلاء، فتلك المجزرة حدثت انتقاما من الذين شاركوا في ثورة يناير، ويصيح مشيع آخر ويداه غارقتان في الدماء :"شاهدوا ذلك، شاهدوا ماذا تفعل الحكومة بأطفالنا". وأشارت أنه بالنسبة للعالم الخارجي، فوفاة مشجعي نادي الزمالك في تدافع خارج ملعب المباراة ليلة الأحد الماضي قد يبدو أنه مجرد مأساة كرة قدم، أما بالنسبة للشرطة فإن ما حدث كان خطأ الجماهير التي كانت تحاول اقتحام الملعب، لكن الظروف التي خلقت ذلك التدافع وإلقاء الشرطة للغاز المسيل للدموع وإطلاقها لطلقات نارية وسط آلاف المشجعين المتجمعين في ممر ضيق مبطن بالأسلاك الشائكة، يؤكد الناجون من الحادث، ومن بينهم عبد الحميد، أن أصدقاءهم استُهدِفوا عن عمد ولأسباب سياسية. ويقول عبد الحميد "إن تلك المزاعم ليست من فراغ وإذا أردنا التأكد منها فعلينا العودة لما قبل 2011، فجماهير الفريقين الأكبر في العاصمة الأهلي والزمالك لطالما اشتبكوا مع الشرطة لأسباب تتعلق بكرة القدم، لكن بداية من 2011 وبعد ذلك، فإن بعض من جماهير الفريقين بدأوا لعب دور سياسي بشكل أكبر، حتى وإن أعلنت مجموعات المشجعين أنها بعيدة عن السياسة". وفي الوقت الذي اشتبك فيه المحتجون مع الشرطة في يناير عام 2011 في تظاهرات آلت للإطاحة بنظام الديكتاتور حسني مبارك، كانت جماهير كرة القدم المتعصبة قوة حاشدة رئيسية في تلك الاحتجاجات، وحسبما يقول عبد الحميد، فجماهير الكرة صنعت الفارق في شوارع القاهرة والإسكندرية وبورسعيد. وبعد أن مهدت الإطاحة بمبارك لظهور المجلس العسكري وإدراته للبلاد، استمر الظهور الملحوظ من مجموعات الأولتراس الخاصة بالأهلي والزمالك وهم يهتفون ضد قادة النظام الجديد داخل الملاعب، ويشاركون في التظاهرات احتجاجا على النظام الحاكم خارجها. ويقول جيمس دورسي، صاحب مدونة "العالم المضطرب لكرة القدم في الشرق الأوسط" والخبير فى اللوائح الرياضية الدولية: "لقد كانت تلك المجموعات ولا تزال كتلة موحدة لكن أعدادها الكبيرة تعني أنها تشكل أحد أكبر المجموعات الاجتماعية في مصر وقدرتها على الحشد حتى داخل الملعب، تفرض تهديدًا كامنا للدولة الاستبدادية". ويتابع دورسي "النظام المصري لا يتسامح مع أي تجمعات عامة غير منضبطة، ما يعني أن كلا من المسجد وملعب الكرة باتت تمثل مشكلات كامنة للسلطة، وهما اثنان من المؤسسات التي تثير المشاعر العميقة لدى قطاع ظاهر من الشعب المصري ولا يمكن إغلاقهما بشكل دائم". ويضيف "لكن اعتمادا على ما نعتقده، فإن ذلك لم يوقف النظام عن محاولة القيام بذلك، ففي فبراير2012 وبعد أن هتف مجموعة "أولتراس أهلاوي" المنتمية للنادي الأهلي بهتافات معادية للسلطة الحاكمة آنذاك مثل "يسقط يسقط حكم العسكر" و "آه يا شرطة عسكرية .. انتوا كلاب زي الداخلية"، قتِل أكثر من 70 من أفرادها في اشتباكات أعقبت مباراة الأهلي والمصري في محافظة بورسعيد في الأول من فبراير عام 2012. ومن المؤكد أن الألتراس، تشكل تهديدا أصغر قليلا للشرطة مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، حيث كانت إحدى نتائج حادثة بورسعيد هو أن المباريات لعبت دون جماهير وجاءت مباراة الأحد لتعيد الجماهير مرة أخرى للملاعب. وبالعودة إلى عهد مبارك الاستبدادي، فقد كانت أنشطة تلك المجموعات محدودة، ولم تكن مجموعة "أولتراس وايت نايتس" التابعة لنادي الزمالك الاستثناء، ولذا ففي محاولة للحفاظ على وحدتهم في الشهور الأخيرة، احتشد أفراد المجموعة وخرجوا في مسيرة حول المشكلات المتعلقة بالنادي وابتعدوا عن المشكلات الخاصة بالبلد.